للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كل يوم فتح مبين ونصر ... واعتلاء على الأعادي وقهر

ومضى في قصيدته:

ولكثرة ما اطلع أسامة على الشعر القديم، كان يضمنه بعض قصائده، حتى اتهمه بعض سامعي شعره بالسرقة من غيره، وليس فيما فعل أسامة سوى التضمين الذي تراه في قوله يخاطب معين الدين أنر:

وأنت أعدل من يشكي له، وله ... شكية أنت فيها الخصم والحكم

وما ظننتك حق معرفتي ... إن المعارف في أهل النهى ذمم

لكن تقاتك ما زالوا بغشهم ... حتى استوت عندك الأنوار والظلم

وفي هذه الأبيات تضمين من قصيدة المتنبي: (وأحر قلباه ممن قلبه شيم). أما قصيدة أسامة التي مطلعها:

أطاع الهوى من بعدهم وعصى الصبر ... فليس له نهى عليه ولا أمر

فقد ضمنها من شعر أبي فراس، كهذا البيت، ومن شعر المتنبي، وأبي صخر الهذلي، وغيرهم، وليس التضمين بكثير من شعر أسامة، وأكثره ما جاء في هاتين القصيدتين.

تلمس في شعر أسامة الجلال والوقار، فلا هزل فيه، ولا مزاح، إلا قليلاً نادراً، وليس في باب الملح عقده، فضلاً عن قصره، سوى قليل من الفكاهة، ولعل من أرقها قوله، وقد كان له جار من الأمراء، يعرف بابن طليب، وقعت في داره نار فاحترقت، فقال أسامة:

انظر إلى الأيام، كيف تقودنا ... قسراً إلى الإقرار بالأقدار

ما أوقد ابن طليب قط بداره ... ناراً، هلاكها بالنار

٤

وجدت الأحداث الكبرى التي مرت بأسامة صداها في شعره، وصورت آثارها في نفسه تصويراً قوياً، ولعل من أقوى هذه الآثار في نفسه، اضطرار إلى أن يفارق وطنه الأول (شيزر) الذي شهد مدراج طفولته، وملاعب صباه، وملاهي شبيبته، وقد وجد أسامة البقاء في هذا الوطن شقاء لا يطيقه، بعد أن جفاه عمه، وقلب له ظهر المجن، فكتب إلى أبيه قصيدة يحدثه فيها عما يعتلج في صدره من الهم، ويشكو إليه ما كدر صفاء عيشه، من الغدر، وما ناله من سوء العقوق، ويقول له:

<<  <  ج:
ص:  >  >>