الخليفة الظافر:
على أنه قد نال بالغدر من بني ... نبي الهدى ما لم ينله بنو حرب
وهل نال منهم آل حرب وغيرهم ... من الناس فوق القتل والسبي والنهب
غدا والغاً كالكلب ظلماً وحزبه ... دماءهم لإحاطة الله من حزب
وياليته لو كان فيه من الوغا ... لمالكه بعض الذي هو في الكلب
وحاشاكم ما خنتم العهد مثله ... ولا لكم فيما جرى منه من ذنب
ومن مثل ما قد نالكم من دونه ... يحاذر أن تدنو الصحاح من الجرب
كان لكثرة الترحال أثر في شعر أسامة، فكثيراً ما شكا الفرقة والاغتراب، وكثرة جوبه البلاد، وتحس في هذا الشعر لوعة الحرمان، وألم الشوق إلى الوطن المفارق، والآل الغائبين، فتسمعه يقول:
أهكذا أنا باقي العمر مغترب ... ناء عن الأوطان والسكن
لا تستقر جيادي في معرسها ... حتى أروعها بالشد والطعن
ويقول:
أين السرور من المروع بالنوى ... أبداً، فلا وطن، ولا خلان
عيد البرية موسم لعويله ... وسرورهم فيه له أحزان
وإذا رأى الشمل الجميع تزاحمت ... في قلبه الأمواه والنيران
فكان هذا الرحيل الدائم، مصدر ألم لأسامة، يؤرق حياته، وينغص عليه عيشه، وكان له أثر في مسح شعره بمسحة من الحزن والأسى، وكثرة حديثه عن الوداع والفراق.
كما كان لتبدد ثروته، ونهب بعضها عقب الحوادث التي جرت بعد مقتل الحافظ وغرق بعضها في البحر، عند خروج أسرته من مصر أثره البالغ من نفسه، وأثره القوي في شعره، شكا ذلك إلى الملك الصالح، وطلب منه المعونة، فقال له:
أنا أشكو إليك د هراً لحاعو ... دي، وأعراه، فهو يبس سليب
وخطوباً رمى بها حادث الده ... ر سوادي، كلهن مصيب
إذ هبت تالدي، وطار في الط ... اري، فضاع الموروث والمسكوب
فهو شطران بين مصر وبحر ... ذا غريق فين وذا منهوب