وتزاحمت الصور في رأسه، وبرزت من بينها صورتها منذ تحلل بها المرض ولزمت الفراش. لقد ألف أن يراها تعاني في صمت. . . لا تشكو ولا تألم. فقد كان يرى في عينيها المجهد حكاية الألم كلها مختصرة في نظرة!. ولشد ما قاسى وقتئذ من وخز الضمير. . . حتى ود لو يستطيع أن يهرب من نفسه وينزوي عن هذا الضمير في مكان بعيد. .
. . وأخرجه من تأملاته المطرقة صوت الخادم تنبئه بأن زوجه بعثت بها في طلبه. . ومضى إلى غرفتها وهو يتعثر في خطواته؛ وسمعها تقول في صوت كأنه من فرط الإعياء همس:
- إني أتألم. .
. . . وأجابها وهو يتلمس صوته:
- تشجعي. . . سأحضر الطبيب!
وأرتد عنها إلى غرفته وارتدى ملابسه وخرج!
وصحبته أفكاره طول الطريق. . . وقفزت زوجته إلى رأسه. . . واستعرض على ناظريه حياته الشقية معها. . . ذكر أنه لم يكن يحيا معها إلا بجسده فقط، فإن روحه كانت تعانق أشباح أحلامه! وآخته حيرة مضنية حينما فطن إلى ما هو بسبيل أن يفعله. . . أو ليس هو في طريقه إلى الطبيب ليسهل لزوجه وضع طفل يربط حياته بها إلى الأبد؟
- الطفل!
أو لم يكن وكده أن ينجب طفلاً يؤنس وحدته؟ فما باله لا يهتز الآن لمقدمه ولا يطرب؟ وأحس بكل شيء يتثاءب من حوله. حتى خطاه تثاقلت هي الأخرى وتقاربت حتى كأنه لا يمشي وغافلته خاطرة فذة إندست بين خواطره لها همس حبيب
- لو أن زوجه تموت في هذه اللحظة!
. . . وعبثاً جاهد في أن يتحرر من هذه الخاطرة الجديدة التي سكنت رأسه ورأى نفسه بعدها وقد استسلم لشعور وافد حبيب. . .
- نعم لو أنها تموت!. . . إذن لتزوجت بعدها من فتاة سابيه الحسن آسرة الجمال!
. . وكان قد بلغ منزل الطبيب فرد عنه أفكاره. . . وعاد به إلى البيت.