تسلية المؤمنين بهذا التكليف الشاق على النفس لأنه مناف لمشتهاها فيحاول توطين النفس على فعله وحسن قبوله. وقوله تعالى فمن كان مريضاً ظاهره مطلق المرض كما نقل عن البعض في الكشاف للزمخشري لكنه خصه بعض الفقهاء بمرض يضره الصوم كما تقتضي المناسبة العقلية وما يفهم من قوله تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) قال الزمخشري في الكشاف وقيل هو المرض الذي يعسر معه الصوم ويزيد فيه، ونقل عن الشافعي أن المريض لا يفطر حتى يجهده الصوم الجهد غير المحتمل. وقال الطبرسي في (مجمع البيان في تفسير القرآن) سأل هشام بن الحكم أبا عبد الله الصادق عن علة الصيام فقال إنما فرض الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك لأن الغني لم يكن ليجد مس الجوع فيرحم الفقير، فأراد الله سبحانه أن يذيق الغني من الجوع ليرق على الضعيف ويرحم الجائع. قال الطبرسي والصوم في اللغة الإمساك ومنه يقال للصمت صوم لأنه إمساك عن الكلام، قال ابن دريد كل شيء سكنت حركته فقد صام صوماً، قال النابغة:
خيل صيام وأخرى غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
أي قيام، وصامت الريح أي ركدت وقال الآلوسي في الغالية: الصوم في اللغة مطلق الإمساك ومنه الآية الكريمة حكاية عن مريم العذراء إني نذرت للرحمن صوماً أي صمتاً وسكوتاً عن الكلام كراهة لمجادلة السفهاء، ويقال أيضاً صامت الريح أي أمسكت عن الهبوب وصامت الفرس أي أمسكت عن العدو والركض ومنه قول النابغة المتقدم. وقال الطريحي في مجمع البحرين قوله تعالى (إني نذرت للرحمن صوماً) أي صمتاً، عن ابن عباس عن أبي عبيدة كل ممسك عن طعام أو كلام فهو صائم. وقال الفيروز بادي في القاموس صام صوماً وصياماً أمسك عن الطعام والشراب والكلام والنكاح والسير فهو صائم وصومان وصوم جمعه صوام وصيام وصوم وصيم صيم وصيام وصيامي.
قال الطبرسي أن قوله تعالى فمن كان مريضاً الخ: فيه دلالة على المسافر والمريض يجب عليها الإفطار لأنه سبحانه أوجب القضاء ومن قدر في الآية (فأفطر) فقد خالف الطاهر وقد ذهب إلى وجوب الإفطار في السفر جماعة من الصحابة كعمر بن الخطاب (رض) وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة وعروة بن الزبير، وهو المروي عن الأئمة فقد روى أن عمر بن الخطاب أمر رجلاً صام في السفر أن يعيد