للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزمان!!

نظرة إلى هنا. . . ونظرة إلى هناك. وقارن بيننا وبينهم. . . بين الذهول والوعي، بين الخمول والخلود، بين الوفاء والجحود، بين القبح والجمال، بين الموت والحياة! ترى هل تجد وجهاً للمقارنة؟ لا نظن. . ولكنه الشيء يذكرنا بنقيضه كلما خطر في البال شرق وغرب. . شرق ينسى الذاهبين من أصحاب الفن بعد شهور، وغرب لا يريد أن ينساهم ولو مرت قرون!

أتذكر يوم حدثناك عن تخليد الأمريكيين لمرجريت ميتشل، تلك الفنانة المبدعة التي ظفرت بالخلود لأنها قدمت إلى العالم قصتها الوحيدة الفريدة (ذب مع الريح). .؟ لقد كان التقدير للكاتبة العظيمة مظهر من مظاهر الكرامة العقلية في الولايات المتحدة، تلك التي يقال عنها إن دوي الآلات فيها قد طغى على صوت الفن، وإن ضجيج المادة قد أخمد سبحات الروح. . أما في فرنسا وغيرها من البلاد الأوربية، فحسبك أن تعلم أنه ما من أديب كبير أو فنان معروف إلا وله تمثال يذكرك به في ميدان من الميادين، أو شارع قد أطلق عليه أسمه، أو دار قد حولت إلى متحف ينتسب إليه. . وما أكثر وسائل التخليد الأخرى التي تقوم بها الهيئات والحكومات.

عندهم هذا كله. . وعندنا الأدباء والفنانون يتضورون من الجوع ويضجون من الغبن، ويصرخون من الإهمال وهم أحياء، فإذا ماتوا. . اكتفينا في إحياء ذكراهم بحفلة تأبين تقام، ودمعة رثاء تذرف، وكلمة أسف تكتب ثم ينسى كل شيء بعد حين!!

قصيدة الشاعر للأستاذ يوسف حداد

قلت لنفسي بعد أن فرغت من قراءة القصيدة المنشورة في العدد الماضي من الرسالة: هذا شعر. . وعندما نقول إن قصيدة الأستاذ يوسف حداد شعر، فإننا نعني تلك الومضات الغادرة (من الأداء النفسي) الذي شرحنا لك بالأمس القريب أصوله وقواعده. ولا نريد بهذه الكلمة أن نطبق مذهب الأداء النفسي على قصيدة الأستاذ الحداد، ولكننا نريد أن نقدم إليه أخلص التهنئة وأصدق الإعجاب، على الرغم من بعض المآخذ التي لم تخل منها قصيدته المحلقة.

إن جناح هذا الشاعر ليعيد في رأينا من الأجنحة النفسية في أفق الشعر العربي الحديث. .

<<  <  ج:
ص:  >  >>