جمع الآراء. وعند الأصوليين هو اتفاق المجتهدين في عصر من العصور على حكم شرعي. والإجماع إما أن يكون قولا بأن يتكلم جميع مجتهدي العصر كلاما يدل على اتفاقهم في الحكم، أو فعلا بأن يشرعوا جميعا في فعل ويمضون فيه، أو سكوتا بأن يفتي بعضهم أو يقضى في مسألة بحكم ويسكت الباقون عن الإنكار والرد عليه بعد علمهم بالحكم. ويشترط في الإجماع اتفاق جميع المجتهدين في أحكام الدين على الحكم فلا عبرة يقول العوام ولا يقول علماء فن يقضون بحكم في غير فنهم. ويرى بضعهم أن الإجماع ينعقد باتفاق المسلمين فيما عدا الصبية والمعتوهين على حكم من الأحكام. وهناك اختلاف في الرأي فيما إذا كان الإجماع مقتصراً على بقعة من البقاع أو عصر من العصور. ويرى الإمام مالك أن إجماع أهل المدينة وحدهم حجة مع وجود غيرهم من المجتهدين. ويردون على ذلك بأن اشتمال المدينة على صفات موجبة لفضلها لا يدل على انتقاء الفضل عن غيرها. كما أنه لا يمكن القول بانحصار العلم والمجتهدين في أهل المدينة، فإنهم كانوا في عصر الرسول منتشرين في البلاد متفرقين في الأمصار وكلهم في النظر والاعتبار سواء. والواقع أن الإجماع مبنى على الاجتهاد والنظر والبحث والاستدلال على الحكم وذلك مما لا يختلف بالقرب والبعد ولا باختلاف البقاع. ويستبعد السنيون طائفة الشيعة من جماعة المجتهدين كما أن الشيعيين يقصرون الاجتهاد على أبناء الإمام علي. ويرى بعض السنيين أن الاجتهاد يقتصر على صحابة الرسول. ويرى آخرون أن يدخل التابعون في زمرة المجتهدين. والرأي الغالب هو أن الإجماع لا يقتصر على عصر من العصور أو قطر من الأقطار وإنما يكون بإجماع مجتهدي العصر الواحد في كل الأقطار.
واختلف الرأي كذلك فيما إذا كان الإجماع يتطلب موافقة جميع المجتهدين أو كثرتهم. ويرى معظم الفقهاء أن الإجماع يتطلب موافقة جميع مجتهدي العصر الواحد. على أنهم يرون أنه إذا كان المخالف نادراً فيكون الإجماع حجة، إلا أنه لا يكون قاطعاً. ويكون الإجماع العصر الواحد. ويشترط بعضهم انفراد عصر المجمعين لاحتمال رجوع بعض المجتهدين في الفتوى أو الحكم إذ أنه من الضرورة توفر شرط عدم الرجوع وهذا لا يكون إلا بانقراض جميع مجتهدي العصر الواحد.
وإذا انعقد الإجماع على مسألة فلا يصح الرجوع فيه إلا إذا رأى بعض فقهاء العصر الذي