للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التأثير على مكونات الغذاء من زلاليات ودهنيات ونشويات وغير ذلك وفي حالة الإفراط المتعارف ليلا عند الصائمين تتعب الأمعاء وتمتلئ للنهاية ولا تعود الغدد الهضمية قادرة على تزويد قطع الغذاء وأجزائه بما يحلله كيماوياً من الخمائر الهضمية وتتعب المعدة وتتوسع ولاشك أن ذلك يؤدي إلى أن ينتاب المرض ذلك البطن الجشع النهم ولله در الأمام علي (ع) إذ قال (كم من أكلة تمنع أكلات) لقد أخذ هذا المعنى بلفظه ابن الحريري فقال في المقامات (يا رب أكلة هاضت الآكل ومنعته مآكل) وأخذه ابن العلاف الشاعر فقال في سنوره يرثيه

أردت أن تأكل الفراخ ولا ... يأكلك الدهر أكل مضطهد

يا من لذيذ الفراخ أوقعه ... ويحك هلا قنعت بالقدد

كم أكله خامرت حشاشره ... فأخرجت روحه من الجسد

والقدد جمع القدة وهي السير يقد من الجلد والقطعة من الشيء وتنطبق أبيات ابن العلاف هذه ليس على السنور فقط بل على (بعض الشيوخ) الذي يجدون في رمضان ميداناً فسيحاً للفتك بفراخ الدجاج في الولائم الرمضانية. . وفي المثل (أكلة أبي خارجة) قال إعرابي وهو يدعو الله بباب الكعبة اللهم ميتة كميتة (أبي خارجة) فسألوه فقال: ل بذجاً وهو الحمل وشرب وطبا من اللبن (والوطب هو سقاء اللبن) وتروى من النبيذ وهو كالحوض من جلود بنبذ فيه (نبذ النبيذ عمله) ونام في الشمس فمات فلقي الله شعبان ريان دفيئا. والعرب تعير بكثرة الأكل وتعيب بالجشع والشره والنهم وقد كان فيها قوم موصوفون بكثرة الأكل منهم معاوية بن أبي سفيان قال أبو الحسن المدائني في كتاب (الأكلة) كان معاوية يأكل في اليوم أربع أكلات أخراهن عظماهن ثم يتعشى بعدت بثريده عليها بصل كثير ودهن قد سبغها (أي غطاها) وكان أكله فاحشاً وكان يأكل حتى يستلقي وبقول يا غلام ارفع فوالله ما شبعت ولكن مللت. وإن هؤلاء المفرطين في الأكل خير علاج لهم الصوم الذي يلطف أجسامهم ويذيب الشحوم الزائدة ويريح جهازهم الهضمي ولا ريب أن هذه الطائفة من الناس وطأة رمضان ثقيلة على نفسها ثقيلة على بطنها.

نقل أبو هلال العسكري في (ديوان المعاني) وكان فرغ من تأليفه سنة ٣٩٥ هـ قال حدث الصولي عن أبي عبيده قال أسلم إعرابي في أول الإسلام فأدركه شهر رمضان فجاع

<<  <  ج:
ص:  >  >>