تحية الحب والوفاء، وبعد فقد ألمت بي محنة ألزمتني الفراش أسبوعاً، لم أصح منها إلا على خطابك. تلوته، فأفقت مما أنا فيه، ولست أتردد في أن أبعث إليك بخالص شكري على أن خصصتني يبث شكواك.
وإذ يصلك خطابي أرجو أن تكون قد نفضت عن نفسك غبار إعصار فيه نار.
حمادة
عرفتك ذا الوجه المشرق البسام، فلا تكن غير ذلك، وإياك أن تستسلم لأفكار عسى ألا تكون غير أوهام. ألا ترى أني كنت إلى حين تسلم خطابك فريسة لواعج فرت وبرت ما شاء مني، فكنت - بلا مبالغة - كفنار الإسكندرية يبعث نور الأمل لسفينة غارقة في أقباء الحلك.
أخي:
هات ما عندك، وأطرح عليّ بما شئت، فإنما أنت ذخير لا يستهان بها، وثروة في النبوع تزهي بها خزائن المجد. ولست من الهوان على أخيك حتى يتركك لما أنت فيه. وحذار أن تسترسل. وحذار أن تيأس.
أخوك أنور
الإسكندرية في ١٥ يونيو
ما توانيت في الرد عليك عن قصد، فقد أصبحت كالزورق الحيران لا شراع ولا مجداف، تناوحت به الريح، وتناهبه الأحداث. ولا سيما بعد أن خلوت من أعباء العمل، وصرت شلوا ألقي به إلى ذئب مسعور. تلك هي نفسي الضارية. ويلي منها. لقد صرت أمقتها وأنكرها. أهكذا تنهشني، وأنا الذي روضتها في المهد، فأحسنت ترويضها، فلما استقامت لي لم أحرمها من لذائذ الحلال شيئاً. يالها من خائنة!
أخي:
لن أفضي إليك برماد النار. بل بجذوتها. أرأيت العمارة التي كنا ولا تزال بها أنت. وأنت