المهنة الخلابة التي يتخرج فيها معظم الساسة الفرنسيين. ودخل بارتو مجلس النواب لأول مرة في سنة ١٨٨٩، ولم يلبث أن ظهر بقوة منطقه وبيانه. ودخل الوزارة لأول مرة سنة ١٨٩٤، إلى جانب بوانكاريه وهو يومئذ في الثانية والثلاثين من عمره. وكانت يومئذ بدعة أن يتولى الوزارة فتيان أحداث مثل بارتو وبوانكاريه. ولكن النبوغ المتفتح كان يسود كل اعتبار آخر؛ واستمر بارتو بين النيابة والمحاماة، مدى حين. وتولى الوزارة بعد ذلك مراراً، في وزارة الأشغال والداخلية. ثم وزارة الحقانية منذ سنة ١٩٠٩ في وزارة بريان، وأستمر في هذا المنصب أربعة أعوام. وفي سنة ١٩١٣ استدعي بارتو لرئاسة الوزارة، فاستمر مضطلعاً بأعبائها إلى ما قبيل الحرب الكبرى؛ واستطاع في هذه الفترة أن يحمل البرلمان على إصدار قانون الخدمة العسكرية الجديد الذي يمدها إلى ثلاثة أعوام؛ ثم تولى وزارة الأشغال مرة أخرى في سنة ١٩١٧، ثم وزارة الحقانية في وزارة بوانكاريه الثانية (سنة ١٩٢٤). وعني بارتو بدرس حركة النقابات وأصدر عنها كتاباً جامعاً بعنوان العمل النقابي ' في عالم الأدب ظهوراً قوياً، واشتهر أسلوبه التحليلي؛ وكتب تراحم نقدية بديعة لميرابو خطيب الثورة الفرنسية ولامارتين وغيرهما وهي من أقيم كتب الترجمة لفرنسية، وكتب كتاباً عن غرام فكتور هوجو ' وهو من أرق ما كتب عن هذا الشاعر؛ وكتب رسالة عن فاجنر؛ وكتب غير ذلك من الكتب والرسائل مما يضيق المقام بذكره؛ وأنتخب عضواً في الأكاديمية الفرنسية منذ سنة ١٩٢٤؛ وكان محاضراً ومحدثاً ساحراً، أشتهر بغزير ثقافته وقوة عارضته وتدفق بيانه.
ولما نشيت الحرب الكبرى دفع بارتو بابنه الوحيد إلى صفوف المدافع عن الوطن، فقتل في المعارك الأولى، وأصاب فؤاد الوالد الكسير جرح لم يندمل قط.
وغادر بارتو مجلس النواب إلى مجلس الشيوخ في سنة ١٩٢٢ واستمر يخوض المعركة السياسية؛ ولكنه كان من فريق الساسة الهادئين الذين لا يظهرون كثيراً على مسرح المعارك الصاخبة، ثم تولى وزارة الخارجية منذ فبراير الماضي، وكانت منذ سنة ١٩٢٧ وقفاً على ارستيد بريان حتى توفي سنة ١٩٣٢؛ وتولاها من بعده بول بونكور. وكانت وفاة بريان نذيراً بتطور سياسة فرنسا الخارجية، وعودها إلى الخضوع لروح الأثرة والوطنية المغرقة؛ فلما تولاها بارتو كانت نظريات فوش وبوانكاريه قد غلبت في توجيهها