المخزونة الجاهزة لهذا الغرض، وما أكثر ما كان يجتمع مجلس عائلة الزوجة المكون من الأب والأم والأخوة وقد ينضم إليهم بعض الجيران ليلقوا على الزوج درساً فيما يجب عليه نحو زوجته من احترام وضرورة إجابة طلباتها المتواضعة، لتستطيع الظهور بالمظهر اللائق ومركز العائلة الأدبي والاجتماعي، ولابد أن ينتهي الأمر باعتذار الزوج عما فرط فنه في حق زوجته والعمل على اكتساب رضاها ورضا العائلة بإجابة طلباتها وزيادة مع التعهد بعدم العودة إلى إغضابها مرة ثانية، وألا يتدخل في إدارة البيت ولا في شئونها الخاصة.
على هذا النمط سارت حياة (رودريجو) الزوجية حتى أستنفد كل ما جاء به من أموال والتجأ إلى الاستدانة، والزوجة من ورائه تدفعه دفعاً حتى تراكمت عليه الديون وكثر الدائنون وأصبحوا يطاردونه في كل مكان، وهو يرى أبواب السجن تنتظره، فلم يجد بداً من الفرار من وجه الزوجة العاتية ودائنيه القساة، ففي فجر يوم من الأيام أنسل من جانب زوجته واعتلى صهوة جواده وأرخى له العنان ممعنا في الهرب، وما أن انبلج نور الصبح حتى شعر بحركة خلفه فنظر فإذا زوجته والدائنون والشرطة يطاردونه، فخاف أن يلحقوا به. فالتجأ إلى كوخ رجل فلاح يدعى (جيوماتيو) فخبأه حتى مر مطاردوه، ولم يعثروا عليه، وبذلك نجا من هؤلاء المطاردين ولما عرف أنه أصبح آمنا مطمئنا، قص على (جيوماتيو) قصته من وقت أن ترك حياته الهادئة في جهنم إلى أن التجأ إليه طريداً لا يمتلك من حطام الدنيا مثقال ذرة، فرق الفلاح لحاله وتألم لما لقيه، فوعده (رودريجو) أن يكافئه على معروفه الذي قدمه له بحمايته من أعدائه وأنه سيسوق إليه الثروة والغنى من كل مكان. وأتفق معه على أنه عندما يسمع أن بنت أحد الأمراء أصابها مس من الشيطان وأن أمهر الأطباء قد عجزوا من مداواتها، فعليه أن يتقدم هو مظهراً استعداده لطرد الروح الشريرة التي تحتل جسم المريضة، فينجح حيث فشل الجميع، وعليه أن يطلب من الأجر ما يغنيه عن حياة الكد والتعب. وتركه وأنصرف وبعد قليل من الوقت شاع في المدينة أن ابنة السيد (أمبرجو أميدى) مسها الشيطان وسكن جسدها، وأم جميع ما بذله الأطباء ذهب هباء وأن ما أجرى لها من رقي وتعاويذ أخفق تماماً ولم يأت بنتيجة. حتى أن أهلها قد يئسوا من شفائها ولم يعد لهم أمل في نجاتها.