ابنته بما عرف عنه من مهارة فائقة، ولكن (جيوماتيو) أعتذر بضعفه وكبر سنه وطول السفر، فلم يجد الملك بدأ من اللجوء إلى ملوك إيطاليا ليحملوا (جيوماتيو) على الذهاب إلى فرنسا، فكان له ما أراد.
فلما وصل (جيوماتيو) إلى باريس ومثل بين يدي الملك، أخبره بخشوع أن مهارته في طرد الأرواح الشريرة محدودة إذ أن كثيراً منها تكون من الدهاء والخبث بحيث يتعذر عليه طردها. عند ذلك غضب الملك وهدده بالقتل، إن هو لم يستطع شفاء ابنته، فخاف جيوماتيو وارتعدت فرائصه فقبل أن يرى المريضة، فلما اختلى بها همس في أذنها قائلاً (أنت هنا يا روديجو) فسمع صوتاً ليس غريباً عنه يقول: (وماذا تريد؟) فجمع (جيوماتيو) شجاعته وتوسل إليه أن ينقذه من ورطته وينجيه من غضب الملك، ولكن الشيطان لم يلن قلبه، فأجابه في قسوة وعناد: ألم نتفق على ألا تعترض طريقي؟ وماذا تريد بعد أن نلت جزاء ما قدمت لك وأصبحت من الأغنياء المعدودين، فبأي حق تطلب مني مزيداً، وحق (بلوتوم) لن أتركها مهما عملت ولا يهمني أن يقتلك الملك صلباً أو حرقاً.
فلما رأى (جيوماتيو) أن تضرعاته ذهبت أدراج الرياح وأن توسلاته لم تجد نفعا مع هذا الشيطان المريد، ترك المريضة واختلى بنفسه يفكر في مصيره، فهداه التفكير إلى خطة يتبعها معه، فذهب إلى الملك وطلب منه أن يدعو جميع رجال الدين والأمراء وكبار رجال المملكة في احتفال كبير يقام فيه عرش فاخر موشى بالحرير ومطعم بالذهب، وأن يحضره هو ورجال حاشيته وأن تعزف فيه موسيقى الحرس والجيش وأن يكون الكل على استعداد صباح يوم الأحد. فأمر الملك بإعداد كل ذلك. وفي الوقت المحدد حضر (جيوماتيو) وأمر فرق الموسيقى أن تعزف أقوى الألحان صدى وأفظعها صوتاً ثم أحضرت المريضة وأجلست على العرش، فلما رأى (رودريجو) كل ذلك همس في أذن (جيوماتيو) قائلا: ما هذا؟ هل تظن أني أخاف هذا الجمع؟ وهل فاتك إنني تعودت قسوة نيران الجحيم وشدة عقاب جهنم؟ فهل هذا يرهبني أو يخيفني؟ سترى ما يكون.
وما كاد الشيطان يفرغ من كلامه حتى أشار (جيو) إلى الفرق فدقت الطبول وأرتفع صوتها وعلا صياح الأبواق في الجو وعزفت جميع الفرق نغمات مزعجة وهي تتقدم بخطى ثابتة إلى المكان الذي تجلس فيه سمو الأميرة، فسأل الشيطان صديقه عما حدث وما سبب كل