العدد سبعة. ويحار المرء - قبل قراءته - فيما سيكتبه هذا الرجل في سفره عن هذا العدد. حتى إذا قراءه أتسع أمامه الأفق، ورأى في العدد سبعة معاني وخوصيصات، ندت عن ذكائه، وغابت عن خاطره. وإذا بالعدد سبعة أمام ناظريه يجمع من حوله، شتى من معلومات كان يظنها متنافرة فألف بينها. ومتباعدة فلائم بين شملها، بكياسة وظرف، وسياسة ولطف. وهذه هي عبقرية التأليف.
والمؤلف بين هذا الحشد الحافل من المعاني والأفكار والحوادث التاريخية والأدبية، والنوادر. ونحوها، له أسلوبه الخاص، يضفي عليه من ذات نفسه، ويسبغ فوقه من منهجه، فيبدوا فيه الحديث جديدا والغريب متأهلا، والفج ناضجا، والناعس العابس، يقظا بساما.
والكتاب - قبل هذا - مصري في صميمه. فقد عنى المؤلف بإبراز حياة العدد سبعة في الديار المصرية، مبينا ما لهذه الحياة من مناسبات وملابسات وصلات بها، مدللا على أن لهذا العدد نصيبا من الوجود ضخما، بهذه الديار، وبينه وبينها رابطة وثيقة العراء. وإذا كانت الأعداد قد تفرقت في الأمصار، واتخذ كل عدد منها لنفسه دارا، فإن العدد سبعة قد أختار مصر دارا له.
وقد دلل المؤلف على ذلك كله بحوادث لا تدع مجالا للشك في صدق ما لاحظه على العدد سبعة ووجوده بمصر. والحوادث التي ساقها، مع صدقها، كثيرة. وهذا يدل على ثقوب نظره وجليل ملاحظته.
وسواء أكان وجود العدد سبعة بالديار المصرية، وبروزه في حوادثها ومناسباتها، عارضا أم كان غير عارض، فقد استطاع المؤلف - بكتابه هذا - أن يركز في الأذهان المعنى الذي ذهب إليه، وهو أن العدد سبعة يحيا بالبلاد المصرية حياة موفقة سعيدة، أكثر مما يحيا في غيرها من البلاد، وانه إلى ذلك أشرف الأعداد.
وقد دلل المؤلف على صحة نظريته بأدلة لا تحصى، وهي ما بين حوادث تاريخية قديمة أخرى معاصرة، ونوادر أدبية، وغير ذلك. وقد نوهنا بان هذه المعلومات قد لا يجتمع إحداها بالأخرى - لأول وهلة - جامعة. ولكن المؤلف بلباقته، وجد بينها أصره قوية، وهي العدد سبعة. . .
واليك مثلا. فأية علاقة بين الحاكم بأمر الله الفاطمي، ويوسف الصديق عليه السلام، سوى