النقاد الإنجليزي يتعرضون لآثاره الأدبية. أستطيع أن أقول إن القارئ نفسه هو مدار الأدب وعماده، وإلا فلم الكتاب وافتن الأدباء، إن لم يكن كتب لإثارة المتعة الأدبية واللذة الفنية في نفس القارئ. .
والناقد الإنجليزي (ماتيو ارنولد يعترف في كتابه (الثقافة والفوضى أن غرض الناقد يهدف إلى خلق مجتمع اسمي، وانما يكون ذلك بتوخيه الملكات الفنية الممتازة، وتصفيتها مما يشوبها من نقائض وقد يبالغ أرنولد أحيانا، فيصل بالنقد إلى أنه قياد الأدباء في مختلف الأزمنة؛ لأن ضميره كان قد هب من سبات طال أمده) فإذا ارتفع النقاد بأفكارهم في عصر من العصور نضجت عوامل الفن في نفوس الكتاب والشعراء في ذلك العصر، وكان من ذلك نهضة فنية ممتازة.
فليس النقد إذن عند الغربيين، حلقة يصطرع فيها الناس، إما بالأفواه العريضة، والألسنة الطويلة، أو بالأقلام المدببة التي تكاد تمزق الورق. وأنما النقد عندهم آلة مهمة من آلات الأدب، لها غرض برئ من النزعات الشخصية , والمآرب الموقوتة.
واهم ما يوجه إليه الناقد الغربي نظره هو العمل الأدبي الذي بين يديه، يبين مقدار أصالته في الفن، ويكشف للناس عن نواحي الحسن والقبح فيه. ولقد تمر على الناقد مثلا شخصية أبداع الكاتب في تصويرها، فما أسرع ما تشتهر هذه الشخصية في عالم الأدب، حتى لقد تخفى اسم الكاتب نفسه في بعض الأحيان. ومن منا لم يسمع عن مكبث وهملت واوليفر تويست ومدام بوفاري وهاربا جون؟
والناقد الغربي لا تعنيه حياة الفنان إلا بقدر ما تنعكس على عمله الفني، فهو يبحث عن أثر ثقافته، وما مر به في حياته من حوادث. ولقد تعرض النقاد لتوماس هاردي في حياتة، وأستعانوا به نفسه
على تبين النوحي الثقافية في آثاره، والأماكن التي وصفها في كتبه، وليس أدل على هذا من مقدمة دونالد مكسويل - وهو فنان تعرض لوصف الأماكن التي وسمها هاردي في عشرة من مؤلفاته - في كتابه أقول تعرض النقاد له ولغيره من الأدباء والشعراء ومع ذلك لم يتعرض له أحد منهم بسبب شخصي أو مثل ذلك. أما إذا عدنا إلى أدبنا العربي الحديث، فاعلم أنني قرأت مرتين (لناقدين) من نقادنا بدءوا نقدهم بأنهم لم يشتروا الكتب التي