أكثر كفاءة علمية من ألمانيا، ولكن لننظر إلى مآلها تحت قيادة هتلر الجنوبية، فإن النازيين قد أسلموا جميع المبادئ الأخلاقية وجعلوا (الجنس السيد) إلههم وأنكروا كل فلسفة ترفع من الكرامة الجوهرية للشخصية الإنسانية، واعتقدوا فيما يتعلق بالأخلاق المسيحية (أنها لا تصلح إلا للجبناء والضعفاء).
وفي قصة الإنجيل القديمة عن الطوفان، ذكر أول ما ذكر عن نوح، أنه سكر بعد أن غاص الطوفان، ومازالت الطبيعة الإنسانية ذاتها باقية، فإن نوحا ربما كان رائعاً حين الفيضان؛ وحين اللحظة الحرجة كان يصنع كل شيء في عراك مع الحياة والموت؛ ولكن حينما انتهى التوتر استرخى وأنزل كل شيء وجثا على ركبتيه ثم سكر.
ولقد فعلنا نفس الأمر عقب الحرب الأخيرة - فهناك طرق كثيرة للسكر علاوة على استعمال الكحول - فإن الملايين تفعل ذلك ثانية الآن، ولقد أصبح الإغراء بعد الكفاح بالاتضاع خلقيا عند الكثيرين على وشك ألا يقاوم: وإن الحقيقة عقب كل حرب لتحقق قول الفرد أدلر العالم النفساني: (أن نحارب من أجل مبادئنا أسهل من أن نعيش لرفعتها)
ولقد قال النبي العبري ميخا، كما في ترجمة الدكتور موفات له، إلى قومه (عليكم ألا تعبدوا بعد الآن الأشياء التي تصنعونها)، وإننا ليعوزنا ذلك أشد العوز بدرجة لم يحلم بها ميخا. ولقد نجمت كارثتنا عن خسران خلقي وروحي؛ ولن يأتي خلاصنا إلا عن إعادة تدعيم المبادئ الخلقية والروحية والمعتقدات.
وإن علينا أن نأخذ تلكم الحقيقة باهتمام مع مراعاة تربيتنا وديننا، ولقد انحدرت من بين جيلين من رجال التعليم وقضيت جل حياتي على صلة بالدارس والجامعات. وإني لأعطف من كل قلبي على المشاكل التي يواجهها المدرسون وأوافق على أنه ليس من العدل لومهم، لأن الناس ينقصهم فلسفة روحية موحدة ووجهة نظر واضحة تجاه المبادئ الأخلاقية الحتمية. وان مدارس تتأمل بكل بساطة الآراء السائدة عن ثقافتنا ككل واحد، وقد أصبحت أكثر فنية ومهنية فتخصصوا في كل شيء تحتاج الاختراعات العلمية.
إن شبابنا يستطيعون أن يلموا سريعاً بميراث الحقائق الأخلاقية العظيم وعن المعتقدات الفلسفية والدينية التي تجعل ممكنا أيا كان الصالح في ثقافتنا الغربية، وكما أجمل أحد خريجي الجامعة (النتيجة بقوله لقد أعطونا كلاما، ولكن دون محور)