ولست أدري ماذا يضيرنا إذا نحن درسنا الأدب المصري وأحيينا آثاره على أنه أدبعربي، في هدوء دون أن نشغل أذهاننا بالفكرة الانفصالية ونتعب أعصابنا بالعصبية الإقليمية؟
الشاعرة (ن. ط. ع)
قرأت بإحدى الصحف اليومية في يوم من هذا الأسبوع نعى فتاة باسمها الكامل، أعرف أنها الآنسة (ن. ط. ع) الشاعرة التي نشرت لها (الرسالة) قصائد وقطعاً من أشعارها ونشرت لها صحيفة البلاغ كثيرا، كما نشرت لها (الأهرام) وكانت قد استرعت انتباهي فعقبت على بعض شعرها في العام الماضي، تعقيبا ختمته بما يلي (والفتاة الآنسة وإن كانت في أول الطريق إلا أنها على الجادة تهديها إلى الغاية موهبة صادقة مخلصة، فهيا يا آنسة ن. من يدري. . .)
أجل من يدري أنها كانت تسير إلىالغاية المحتومة بهذه السرعة، وكنا نرجو أن يكون ما كانت تصبوا إليه من صيد وخلود في عالم الشعر، كما كانت تقول:
هل يأخذ القبر ... مني سوى جسمي
والصيت والشعر ... لن يتركا اسمي
سأصير شاعرة ... من قادة الفكري
أنا لست ساخرة ... يا قلب من يدري
ولكن الموت أعجلها، فاحتطفها وهي على عتبة الخلود، فطوى أملها الذي كانت تعكف على التطلع إليه. وقضى على عالم من الإحساس المرهف كانت تنوء به، فحطت حملها ونامت بجواره، وليتها نامت قريرة بما كانت تؤمل من ترك اسمها وراءها يلمع في دنيا الأدب والشعر، ولكن الموت أعجلها ولعله أطلعها على أن ما كانت تطمح إليه أمر باطل وسراب خادع. . . من يدري!
لقد قرأت قصة هذه الفتاة فيما كانت تنشره من شعر، كانت حبيسة (التقاليد) تطل على الحياة من بين قضبان سجنها. . . تنظر بعين الأدبية الشاعرة إلى المجتمع الحافل الصاخب فتود لو شاركت الركب سيره، ثم لا تلبث أن تثوب إلى ما أخذت به في تربيتها المحافظة، فتقول: