ولكن (البرج العاجي) كان مضروبا عليها في قسوة يظهر اللم بين السطور وإن أظهرت ميلها إلى الاعتصام به مطاوعة لما جرت عليه السرة من الحجاب وشدة التحرز. فكان الصراع دائراً في نفسها بين ذلك الحجاب وبين ألوان الحياة التي تدعو إليها لا باعتبارها أية فتاة، بل لأنها فنانة، والفن يأبى الإسار.
لقد قلت في الكلمة التي كتبتها عنها: إنها في حاجة إلى مزيد من العناية من حيث إخضاع التعبير. ولما تتبعتها بعد ذلك ورأيتها تدر حول ذلك الصراع في نفسها، لا تخرج عنه إلا قليلا، عرفت أنها مشغولة بها عن تأمل ما عداه، فكان ينقصها أيضاً الآفاق الرحيبة التي تنتقل بينها. ولم يكن كل الأمر احتجابها، وإن كان هو بعض الأمر بلا مراء، فكان يمكن لو فرغت من ذلك الهم أو لو تحررت من تسلطه عليها كل التسلط أن تتصفح الحياة من حيث هي ومما تقرأ، ولكن حتى هذا القدر حرمته لانشغالها بالتفكير في آلام نفسها ومنازعتها القيود
ظلت شاعرتنا تكافح تلك النوازع النفسية، تثبها تارة في شعرها، وأحيانا تنطوي عليها، وهي ترجو أن تجد من الشعر والصيت فيه ما يعوضها، حتى كلت فأسلمت للمنية قيادها، وإذا نحن نطلع على وجه كئيب من نعهيا، فيبعث في النفس الألم والأسى، في الوقت الذي كنا نتفقدها، عسى أن تطلع علينا بجديد من الشعر.
وإذا كان القبر قد احتوى على جثمانها فلعل لتلك الروح الشاعرة من هذا الكلمة ما يرضيها بعض الشيء. ولقد كانت (السرالة) مجلتها الحبيبة في دنياها الأدبية، فالآن تبعث الرسالة إليها هذه الباقة، من حبيبة حزينة إلى فقيدة عزيزة.
السياسة العربية والتعاون الثقافي
نشرت (الأهرام) أن وزارة المعارف قررت وقف ندب المدرسين المصريين للعمل في معاهد العراق، وقال المحرر إن الوزارة اتخذت هذا الإجراء بعد دراسة مستفيضة، وإن العراق أساءت معاملة المدرسين المصريين، وإن ذلك القرار أتخذ بتوجهيه من وزارة