للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الصحف حتى ناله من شاعر النيل أعنف اللوم، إذ قال في قصيدة طويلة من أبياتها:

يا نصير الضعيف مالك تطري ... خطة القوم بعد ذاك النكير

يا نصير الضعيف حبب إليهم ... هجر مصر تفز بأجر كبير

وعلى الرغم من هذا الخضم الجارف من الأحداث الجسام، توالت الاكتتابات لجعل فكرة الجامعة في نطاق الحقيقة الوجودية فتبرع الأغنياء لها بأموالهم، ووقفوا عليها الكثير الطيب من أطيانهم، وجادت أريحة سمو الأميرة فاطمة هانم إسماعيل بجواهر قيمتها ثمانية عشر ألفا من الجنيهات فضلاً عن ستمائة فدان وقفتها على الجامعة، وستة أفدنه بجوار قصرها بالدقي لإقامة المباني عليها، وكذلك الأمير يوسف كمال إذ منح المشروح مائة وخمسين فدانا، وثلاثمائة جنيه لإصلاحها. .

وتدفقت المنح والهدايا العلمية من ملك إيطاليا، وإمبراطور ألمانيا، وسلطان مراكش، كما وافقت فرنسا وإيطاليا على قبول ثلاثة من صغار الطلبة لتعليمهم بالمجان بمدارسها.

وفي ٣٠ مارس سنة ١٩١٤ وضع الخديو الحجر الأساس للجامعة في حفل تجلت في أروع آيات الوطنية، والوحدة القومية، وألقي فيه المطرب زكي عكاشة قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي بك

وتحدد يوم ٤ مايو ١٩١٤ لامتحان العالمية، فتقدم الطالب المنتسب (الشيخ) طه حسين لدرجة الدكتوراه، فنالها بين إعجاب الحاضرين، وإكبار أعضاء اللجنة المشكلة لامتحانه من أساتذة الجامعة ورجال وزارة المعارف، فتقرر إيفاده في بعثة إلى فرنسا، ومثل قبل سفره بين يدي الخديو بقصر رأس التين فشجعه، وتمنى له النجاح.

ومما يدعو حقا إلى اعتزاز المصريين بذكرى الجامعة أن الروح القومية قد لازمتها من مهدها إلى رشدها، فقد عنى مصطفى كامل منذ سنة ١٨٩٩ ببث التربية القومية في التعليم ووضع دستورها على أسس متينة من تعاليم الإسلامية الحنيف، ولغة العرب الأمجاد، وعوائد الشرق العهيد.

وفي مارس سنة ١٩٠٧ أجمع أعضاء الجمعية العمومية مطالبة الحكومة بجعل التعليم في مدارس باللغة العربية، وإزاء هذا الإجماع الوطني الرائع، وقف الاحتلال مكتوف الأيدي، وباء كرومر وأذنابه بخيبة الأمل، حتى أسرعت حكومة بلاده إلى سحبه من مصر بعد شهر

<<  <  ج:
ص:  >  >>