واتفقت كلمتهم في مشارق الأرض ومغاربها على التصديق والإيمان بما يقال عن هذه القصيدة لا فرق في ذلك بين سني وشيعي. والذي ساعد على هذا هو تفشي الجهالة بين الشعوب الإسلامية بعد أن ابتعدت عن العلم الصحيح وتركت تعاليم المعتزلة جملت واحدة واستسلمت للدجالين والمشعوذين الذي سيطروا على العقول زمناً طويلاً.
ويرجع الفضل في نشر هذه الخرافات بين المسلمين إلى رجال الطرق الصوفية الذين اتخذوا البردة نشيداً يتغنون بها في حفلات الذكر.
مناقبها:
ووضعوا للبردة من المناقب والفضائل مالا يقع تحت حصر. فهي تشفي من الرمد والفالج والحمى وغيرها من الأمراض. وما قرأها أحد عند نزول الشدائد إلا فرج الله عنه. وما قرأها على سفينة هال عليها الريح إلا سلمت من الغرق. وما قرأها مسجون إلا خرج سالماً. ومن قرأها في ليلة الجمعة يعد العشاء الأخيرة بطهارة كاملة رأى النبي في منامه. ومن مناقبها أنها تقرأ لإطالة العمر ودفع البلاء وجلب المنفعة.
هذه مناقب القصيدة عامة. ثم وضعوا لكل بضعة أبيات منها مناقب خاصة وفوائد معينة. فمن قوله:
أمن تذكر جيران بذي سلم
إلى قوله:
وما لقلبك أن قلت استفق يهم
يقول عبد السلام بن إدريس المراكشي أحد شراح البردة (خاصية هذه الأبيات الثلاثة إذا كانت عندك بهيمة لم تقبل التعلم فاكتبها في زجاجة وامحها بماء المطر واسقها للبهيمة فإنها تذل وتتعلم ما أنت تعلمها بسرعة. وإن كانت لك مملوكة أو مملوك من العجم، ولم يتعلم كلام العرب بسرعة فاكتب هذه الأبيات في رق غزال ثم علقه على عضده اليمن فإنه يتفصح بسرعة بإذن الله تعالى.)