قال الشيخ عبد السلام المتقدم ذكره:(خاصية هذه الأبيات عجيبة. وذلك أنك إذا كنت تتهم أحداً من النساء فأكتب هذه الأبيات في ورقة انزج وخلها حتى الوقت الذي تكون فيه نائمة، فضع الورقة على ثديها الأيسر واجعل أذنك عند فمها فإنها تنطق بجميع ما تفعله في غيبتك من مليح أو قبيح. هذا مجرب صحيح. وكذلك إذا شككت في أحد أنه أخذ لك شيئا وأنكره فاكتب هذه الأبيات في جلد ضفدع مدبوغا وخذ لسان ضفدع وصبيره في الجلد وعلقها في عنقه فإن المتهم الذي سرق لك شيئا يقر به من ساعته ويدهش ولا يستطيع أن ينكر ولا يخاصم أصلاً، فاعرف مقدار هذا السر العظيم).
وهكذا استغل المشعوذون والدجالون قصيدة البردة لابتزاز الأموال والاحتيال على بسطاء الأحلام وضعفاء العقول. واتخذوا منها تمائم وأحجبة وشرعوا يوهمون السلاح بفوائد هذه التمائم ومنافعها ويتقاضون على ذلك ما يملأ جيوبهم ومن الذي يستطيع أن يأتي بجلد ضفدع مدبوغ ولسان ضفدع ورق غزال وماء زعفران غير أولئك الذين خصصوا أنفسهم في مزاولة الاحتيال والنصب؟
شهرتها
وقد ترتب على ما تقدم أن سار ذكر البردة في الآفاق شرقاً وغرباً، وحفظها الخاص والعام، وتعنى بها الناس في الموالد والأذكار، وأكثروا من تلاوتها في شتى المناسبات. وقد ترجمت إلى بعض اللغات الشرقية كالتركية والفارسية والأردية. كما ترجمت إلى بعض اللغات الأوربية. فترجمها إلى اللغة الفرنسية المسيو رينه باسيه وطبعها في باريس سنة ١٨٩٤. كما ترجمها إلى اللغة الإيطالية السنيور جابر يلي طبعها في فلورنسه عام ١٩٠١. وكذلك ترجمت إلى اللغتين الإنجليزية والألمانية.
وأقبل الشعراء عليها فمنهم من يصدرها ومنهم من يعجرها ومنهم من يخمسها ومنهم من يسبعها، ومنهم من يتسعها ومنهم من يعشرها ومنهم من ينهج نهجها ويسنج على منوالها.
وأوسعها الكتاب شرحاً وتعليقاً ووضعوا لها المناقب والفضائل والكرامات على نحو ما ذكرنا. وفي دار الكتب المصرية مجموعتان كبيرتان، الأولى تحت عنوان تحاميس البردة المسماة (بالكواكب الدرية في مدح خير البرية) وهي تسع وستون تخميساً لم يعلم جامعها.
والثانية عنوانها:(الشهب المضية في تخميس الكواكب الدرية) وهي ثلاثون تخميساً لم يعلم