للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على عدالة الإنجليز.

حلم هرتسل في أواخر القرن التاسع عشر برجوع اليهود إلى أرضلميعاد، واستحال هذا الحلم على يد حاييم وايزمان - المحاضر في جماعة منشستر عام ١٩١٧ إلى وعد بلفور ذلك الوعد الذي يجمع بين الماء والنار: يعطي العرب الأمان والاستقرار في فلسطين، ويمنح اليهود دولة بكل مفهوم معاني الدولة وراء كلمات كاذبة سطرت في ذلك الوعد للخداع والتضليل. ذكر السر هربرت صموئيل - أول مندوب سام يهودي على فلسطين في مذكراته - أن اليهود طالبوا بوطن روحي وأن الإنجليز أصروا على إعطاء دولة يهودية، وقد احتج عقلاء اليهود على هذا الكرم البريطاني لعميق اعتقادهم أن إنجلترا لا تحفظ الود لإنسان في الدنيا، وإنهم إنما يدبرون كارثة رهيبة لليهود مجتمعين في مستقبل قريب أو بعيد.

وأقبل اليهود في ظل الحرب البريطانية، والعدالة السكسونية، والقوانين الظالمة، والبطش والجبروت والإرهاق بما لم يدر في خلد محاكم التفتيش - أقبل اليهود ومعهم الأسلحة، وراحوا يشيدون الثكنات الحربية والمعاقل باسم المستعمرات، ويملئونها بالأسلحة، ويؤسسون المصانع الفتاكة لإنتاج الأسلحة المختلفة، وراح الإنجليز يدربون جيشاً سرياً قوياً من اليهود، حتى إذا ما تم كل ذلك أرادوا أن يجربوا بأس ذلك الجيش، فغضوا الطرف عن إرهابية اليهود وتساهلوا حتى قتل الإرهابيون زهرة شباب الإنجليز. ولما برهن ذلك التلميذ النجيب على جدارته ودعه الأستاذ الماكر وتركه يحل المسألة بالطرق التي دربه عليها، وبعد أن وضع في يديه جميع الحلول.

وتقع مدينة حيفا على سفح جبل الكرمل على خليج عكا، وقد بنى الإنجليز جوفاً هائلا أصبح ممراً لتجارة الشرق والغرب، وانتهت إليه أنابيب الذهب الأسود من العراق يتكرر ويمد الدنيا بالوقود.

وبنى اليهود على سفح الكرمل وقمته أحدث مدينة وأجملها بالقياس إلى أحدث المدن العالمية سموها (هدار كرمل). وأقام الإنجليز في ذلك الجبل - المطل على الميناء تحصينات هائلة من مدفعية ثقيلة للمحافظة على المرفأ ورد الغزاة.

واختار الإنجليز أن تنسحب جيوشهم من مرفأ حيفا وأخذوا يتجمعون من أنحاء فلسطين

<<  <  ج:
ص:  >  >>