(والكاتب الكبير يتشرب عصره. . . تلقاء ذلك رأيت أن أنسب طريقة أمهد بها السبيل إلى فهم رينان، هي أن أكتب مقدمة موجزة، أشير فيها إلى موقفه من الحركة الفكرية التي قامت في القرن التاسع عشر، وأكشف عن تأثيرها؛ وهو بحث عويص مشعب الأطراف كنت أوثر السلامة على التورط في غمراته. ولكني أعلم العلم كله أن المترجم في هذا البلد من واجبه أن يكون شارحاً إلى حد ما. ومن استيفاءات عمله أن يضع القارئ على النهج وينير له الطريق).
فهل حقق الدكتور القصاص أول واجبات المترجم؛ وهل ربط بين أدب الوجودية وروح العصر؟ وهل ربط بينها وبين غيرها من الاتجاهات؟
إننا نورد هذا الرأي - وليس هذا لنا - ويؤلمنا أن نصارح به أي مترجم، ولكنا نقلناه حتى لا نتهم بالقسوة في النقد، وهذه الرغبة نفسها هي التي تسوقنا إلى أن نصارح الدكتور القصاص أننا سنتجاوز عن المقدمة وعما بها من متناقضات حتى نناقش الرواية ونعرف إلى أي حد تتوفر فيها المسرحية. سنتجاوز عن تسمية للوجودية بأنها فلسفة ذات مبادئ، وعودته مرة ثانية ونسخه لهذه التسمية. وسنتجاوز عن دفاعه عن الذاتية في الوجودية ثم نفيه للفردية عنها بإيراده لنظرية (تشابك الذاتية) وهي تعديل لحق المذهب الوجودي يتناقض مع طبيعته.
وسنتجاوز عن تسميته للقلق والهجران واليأس بأنها (كلمات) مع أنها مقولات) فلسفية. وسنتجاوز عن ترجمته للـ بالوضع الإنساني قاصداً بـ (مجموعة الحدود التي توجد بادئ ذي بدء وتخطط لإنسان معالم وضعيته وكلتا الكلمتين (وضع) و (وضعية) لا يعترف بهما رجال الفلسفة. وسنتجاوز عن تعريفه الحرية الوجودية بأنها انتصار المرء الدائم على شهواته وعلى نفسه وعلى طبقته الاجتماعية وعلى وطنه) وهو تعريف خيالي لا يتفق وطبيعة المذهب الوجودي الذي ينادون بأن يحيا الإنسان كما يريد!!. . . ولكن من يدرينا لعل معنى الانتصار على الشهوة عند الوجوديين هو الخضوع المطلق لها، والانتصار على الطبقة والوطن هو الفوضوية والخيانة!. . . وسنتجاوز عن نفيه للتجريد عن الوجودية مع أن في ارتداد الفرد إلى ذاته وتحقيق وجوده الذاتي عدم اعتراف بالواقع المتحقق، وارتداد إلى عالم ذاتي كل ما فيه تجريد خالص، بدليل أن المترجم ذكر أنه