الخرز في خيوله أيضاً، فاقتتل الفريقان قتالاً شديداً حتى قتل سلمان بن ربيعة الباهلي أيضاً، وقتل معه خلق كثير من رجاله قيل أربعة آلاف قتيل، وأضطر المسلمون مرة أخرى إلى الانسحاب بعد أن حملوا معهم جثة سلمان بن ربيعة الباهلي وكثيراً من جرحاهم إلى (دربند) ولكن الجيوش الإسلامية المنسحبة في هذه المرة لم تقف في (دربند)، بل تفكك شملها، وتشتت في كل اتجاه.
وبعد هذا الانكسار الذي مني به المسلمون في هذه الجهة فترت حركة الحملات العسكرية إلى هذا الميدان النائي بفعل الحوادث الداخلية التي أعقبت مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وحروب معاوية وعلي، وما تبع ذلك من الفتن حتى إذا ولي الخلافة الإسلامية الوليد بن عبد الملك جهز جيشاً كبيراً بقيادة مسلم بن قتيبة ووجهه سنة ٨٩هـ إلى أرمينية، فالداغستان، فقاتل الخزر وفتح كثيراً من البلاد، وغنم الغنائم، ثم قفل راجعاً. ثم وجه الوليد بن عبد الملك أخاه مسلمة بن عبد الملك على رأس جيش قوي إلى تلك البلاد أيضاً، فقاتل أهلها، وغلبهم على كثير من بلادهم، وغنم غنائم كثيرة، ثم رجع بها.
وفي سنة ١٠٥هـ وجه يزيد بن عبد الملك جيشاً إلى هذه البلاد بقيادة الجراح بن عبد الله الحكمي من مذحج، فسار إلى الخزر فقتل منهم مقتلة عظيمة، وسبى وغنم، ثم رجع إلى جنوبي أرمينية، فجاشت الخزر، ولحقت به، فحاربهم في صحراء (ورشان) فانحازوا إلى ناحية أردبيل، فواقعهم على أربعة فراسخ مما يلي أرمينية، فاقتتلوا ثلاثة أيام، فاستشهد الجراح هناك، وقتل كثير من جنده، وتفرق الباقون، وتشتتوا في اضطراب. وسمي نهر هناك بإسم الجراح، كما سمي جسر عليه جسر الجراح أيضاً، ثم كان أن عاث الخزر في البلاد، وفقد العرب هيبتهم، فانسحبوا من أطراف أرمينية. حتى إذا ولي الخلافة هشام بن عبد الملك ولي أخاه مسلمة بن عبد الله صقر بني أمية، وبطلها المجرب أرمينية، وأمره أن يسير إليها برجاله وقواده ليطهر البلاد من الخزر، وممن طمع فيها بعد قتل الجراح، فسار إليها في سنة ١١٢هـ وقد وجه على مقدمته سعيد بن أسود الحرسي، ومعه كثير من القواد بينهم الوليد بن القعقاع العبسي، وسار مسلمة مظفراً منصوراً حتى وصل إلى مدينة (باب الأبواب) وفتحها من جديد، وكان في قلعتها ألف أهل بيت من الخزر، فحاصرهم ورماهم بالحجارة، ثم عمد إلى غير ذلك من وسائل الهجوم حتى اضطرهم إلى الهرب، وإخلاء