إننا نبغض (الرشوة) في المعاملات بين الأفراد. . . فكيف يقر الساسة رشوة الشعوب التي لم تعد تهضم ما تحفل به موائدهم من ألوان. . . وأصناف!.
عيسى متولي
تعقيبات - ١ - حول بيت:
تعرض الأستاذ محمد سيد كيلاني في مقاله - حول البردة - بالعدد ٨٩٢ من (الرسالة) الغراء لبيت البوصيري أورده على سبيل الاستدلال على أنه - رحمه الله - لم يصب بفالج كما زعمت بعض الروايات، وإنما أصيب بكسر في ساقه، والبيت هو:
ما حال من نع الركوب وطرفه ... يشكو إليه رباطه محبوساً
وأبان أن في (كلمة (الطرف) تورية، فالطرف بمعنى مؤخر العين، والطرف بمعنى الساق وهو من أطراف الإنسان).
ولاشك أن التورية - على المعنى الذي قصد إليه الأستاذ لا تستقيم إلا إذا كان البوصيري قد مرض بمؤخر إحدى عينيه. كما مرض بإحدى ساقيه. . . إذ هناك فقط يمكن أن نصرف كلمة (الطرف) من معنييها المختلقين صرفا تاما مع ضمان استقامة التورية، وما دام لم يثبت شيء من ذلك، فالأوفق أن يؤخذ البيت على وجهه الوارد به، وأن تصرف الكلمة إلى المعنى الذي يهم الكاتب وهو (الساق).
ون الممكن أن يفسر البيت تفسيراً آخر مناسباً لو كانت كلمة (طرفه) قد رويت بكسر الطاء وسكون الفاء فإن معناها حينئذ يكون - الكريم من الخيل، كما جاء في معلقة امرئ القيس - على رواية الأصمعي - (ورحنا وراح الطرف ينفض رأسه)؛ ويكون المعنى أن البوصيري كان عاجزاً عن ركوب جواده - لعلته التي أم تمكنه من ذلك والتي يدل عليها قوله (منع الركوب) - بينما جواده الكريم يشكو إليه طول بقائه مقيداً حبيساً، لا يركب ولا يمتطي، ولكن البيت - بهذا المعنى - يفقد قوته الاستدلالية.
٢ - خبر الرؤيا
وذكر الأستاذ أيضاً قصة الرؤيا التي قيل أن البوصيري قد رآها وجاء منها (أنه لما وصل إلى قوله (فمبلغ العلم فيه أنه بشر) توقف فقال له النبي: قل يا إمام (!) فقال البوصيري