الاعتقاد بشيء متناه غير معروف الحدود. فالأرض إذن حقيقة تدور، ونتيجة هذه الدورة في هذه الحركة الظاهرية في السماء التي نشاهدها ليل نهار.
قبل أواخر القرن السادس عشر سمع بالفكرة الجديدة (ثيخو ميراهي)، ولاشتياقه لمعرفة صحتها اعتزم عمل زيج جديد دقيق لحركات الكواكب، فبنى مرصداً ذا قبة متحركة، وعمل ربعاً قطره ١٩ قدماً، وكرةً تمثل الكون قطرها خمسة أقدام، فحصل بذلك على أرصاد دقيقة جداً. على أنه لم يتم ما أراد تحقيقه إذ مات في سنة ١٦٠١
أتى بعد ميراهي رجل ألماني اسمه يوهنس كبلر، وكان هذا بعكس ثيخو تنقصه الموهبة الميكانيكية. ولكنه كان ذا مقدرة كبيرة في الاستنتاج والتمييز بين حالة وأخرى، وجمع الحقائق بعضها إلى بعض لتكون نتيجة حقيقية واحدة. فما كان منه إلا أن أخذ نتائج أرصاد ثيخو في الكواكب، وصار يتأملها ويبحث فيها ويقابلها، حتى توصل إلى ثلاث حقائق أساسية في بناء فكرة الكون الحديثة:
الأولى: توصل إليها كنتيجة لسبعة أرصاد للمريخ في موضع واحد، وهي أن الأرض تدور حول الشمس، ليس بشكل دائرة كما أعتقد اليونان، بل بشكل منحرف قليلاً عن الدائرة يسمى قطعاً ناقصاً والشمس تقع في إحدى بؤرتيه
الثانية: المستقيم الذي يصل الأرض بالشمس يقطع في الفضاء مساحات متساوية في أوقات متساوية.
الثالثة: نسبة مربع زمن دورتين لكوكبين هي كنسبة مكعب المسافتين من الشمس. أي إذا كانت مسافة الكوكب الأول من الشمس م١ ومسافة الكوكب الثاني م٢، وكان زمن دورة الأول حول الشمس س، وزمن الثاني ص فهذه الحقيقة هي كالمعادلة م١ ٢: م١ ٢: س٣: ص٣. وقد دل نيوتون فيما بعد بمعادلات رياضية وبالمقابلة أن هذه الحقائق الثلاث تنطبق لا على الأرض وحدها، بل على كل كوكب من كواكب المجموعة الشمسية، وقد عرفت بقوانين كبلر نسبة لمكتشفها العظيم
في العصر الذي كان فيه كبلر يجرب أن يوحد أجرام النظام الشمسي بقوانين أساسية ثابتة، ويحكم ظواهر الكون لمسبباتها الطبيعية، كان بعيداً عنه وفي بلاد بعيدة، رجل إيطالي منهمك في صنع تلسكوب جديد لينظر به سطح القمر، وليرى قوانين كبلر تعمل عملها بين