فهو في هذا أشبه بمن يناقض نفسه إلا أن يكون قد رأى أن كشاجم الكاتب ليس هنالك فأسقطه من عداد الكتاب؛ وهذا شيء آخر!!
بقي أن نقول إن هذه الأوصاف الأربعة: كاتب شاعر منجم متكلم لو سلمنا بها جدلاً، فقد كان يجب الوقوف عندها مادامت قد حددت بأربعة ومع هذا فقد يكون فيها ما فيها، إذ لم يحدثنا أحد عن كشاجم كما لم يحدثنا هو عن نفسه أنه كان (متكلماً) ومع ذلك فقد كان يجب الوقوف عند هذا الحد.
ولكن الرجل يأبى إلا أن يكون كشاجم بعد هذا (مجيد الأوصاف كلها؛ لا عديل له في عصره)!!
فلننظر إذن في ثقافة الرجل في شكل تعقيب على تحليلهم لهذا اللقب الذي قد حللوه على طريقهم مثل قولهم: الكاف من كاتب والشين شاعر. . . إلى غير ذلك مما سبق الحديث عنه، والإفاضة فيه.
فأما عن الكتابة فقد نظرت في بعض كتب الإنشاء مثل صبيح الأعشى فلم أجد لكشاجم الكاتب فيه ذكر بينا تراه يعرض رسائل بعض كتاب الدواوين القريبين من عصر كشاجم مثل أبن عبد كان، وأبن الداية، كما نراه في الاخوانيات ينقل إلينا رسائل لأبي الفرج الببغاء - المعاصر لكشاجم في التهنئة بولاية عمل والتهنئة بالعودة من الحج، وبالقدوم من السفر وبالصوم وبالعيد كما يثبت له رسائل في التعازي والاستهداء والشكر. . . ولكن لم ترد إشارة ما إلى كشاجم الكاتب في أي جزء من أجزاء الكتاب؛ ومع هذا فصبح الأعشى لا يهدف إلى إحصاء الكتاب في كل عصر حتى يكون المصادر الأساسية في إثبات الكتابة لكشاجم أو نفيها عنه، فإذا كان هذا الكاتب أو غيره لم يشر إلى كشاجم كاتباً، فإن جميع من ترجموا له صرحوا بأن الكتابة كانت شيئا بارزاً عنده، وربما لا تقل في ذلك عن الشعر، وقد يستدل على هذا بأن ترجمته على ظهر ديوانه تبدأ بهذه العبارة التي تلفت النظر، والتي لها دلالتها الخاصة. هو محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك الكاتب) ومثل ذلك ما قاله المسعودي: فأخبرني أبو الفتح محمود بن الحسين بن السندي أبن شاهك الكاتب المعروف بكشاجم. . . فكل هذه إشارات لا يصح إهمالها ولا بد من تحقيقها. . . وإذا كان شعر الشاعر هو سجل حياته فمن الطبيعي أن يكون مصدرنا الأول الذي نهتدي بهديه