يقصر المؤتمر أعماله على الموضوعات المدرسية ولا يهتم بالثقافة العامة. ويظهر أن اللجنة الثقافية عندما وضعت موضوع (التوسع في التعليم) أو وافقت عليه؛ لم يكن في حسبانها أن الإدارة الثقافية ستفرغ من التحديد ونسأل عن خطط التوسع. ولو أن الإدارة تفادت هذا الوضع الشائك الذي أثار الاعتراض لما ترتب على ذلك أن تغير الموضوع وصار موضوعا آخر لم يسبق له تحضير.
ولكن هل الإدارة الثقافية حقاً انفردت وارتجلت واستبدت. . . وهل حقاً أيضاً أنها لا تمثل الحكومات العربية؟
هناك هيئات ثلاث: اللجنة الثقافية والمكتب الدائم يتألف من الملحقين الثقافيين بالمفوضيات العربية بالقاهرة. أما الإدارة الثقافية فهي هيئة منظمة وهي قسم من أقسام الأمانة العامة للجامعة. نرى ذلك أن هذه الهيئات ممثلة للبلاد العربية تمام التمثيل، وهو لهذا لم تتعد اختصاصها، ولم تعمل عملاً كان يجب أن يقوم به غيرها، وليس معنى توجيه المؤاخذة إلى عمل من أعمالها أنها دخيلة عليه منصوبة له بغير حق.
وثمة ثلاث ظواهر تلاحظ في هذا الموضوع، الأولى أن الحملة جاوزت حد القياس المعقول فقد بدت الرغبة في الهدم والمعارضة بالحق وبالباطل، وتتابع في الكلام المتحمس الثائر جماعة ممن إذا دعوا لم يسألوا لأية حرب أو بأي مكان. والظاهرة الثانية هي انحصار هذه الحملة بين الأعضاء المصريين، فلم يشترك فيها أحد من سائر الوفود العربية، بل وقفوا منها موقف المشاهد المتفرج، يستغربون أحياناً، وأحياناً ينطبق عليهم القول المأثور (من يسمع بخل) فيوجهون اللوم إلى الإدارة الثقافية حتى فيها لا تملكه، أولئك الذين تتملكهم شهوة الكلام فيهرعون إلى المنصة ليخطبوا. ولا يدري أحد ماذا يريدون.
أما الظاهرة الثالثة - وهي ثالثة الأثافي - فهي ما نشرته بعض الصحف أخباراً وتعليقات. نشرت هذه الصحف أولا أن وفد مصر هدد بالانسحاب من المؤتمر، مع أن المسألة لم تعد ملاحظات من جانب الوفد وقبول لهذه الملاحظات من جانب الإدارة الثقافية، فلم يصل الأمر إلى أزمة ولا إلى تهديد بانسحاب. والعجيب أن جريدة كبيرة متزنة كالأهرام تخرج على ما عرفت به فتنشر أخلاطاً من الكلام تصور الموقف على غير حقيقته، إلى ما فيها