سؤال وجهته ألي وهو: هل الأزهر حقيقة عقبة في طريق رقي مصر. . . فلما سألتها عن تحديد مظاهر ذلك أجابتني أنها قرأت مضمون السؤال فقط في كتاب تربوي حديث لأستاذ أمريكي.
وأثرت فعلا هذه الحملة المغرضة على الأزهر وعلى المنتسبين إليه وحالت بين رجاله والمساهمة في الحياة التعليمية في مصر والمعاهد الأخرى غير المعاهد الدينية، واضطر كثير منهم تحت ضغط هذه الحال إلى الانزواء عن الحياة العامة والاحتكاك بغيرهم على مسرح عام.
وهذا الذي نسب إلى الأزهر في مصر من جمود وتعصب وكونه عقبة في طريق التقدم رمى به جامع الزيتونة في تونس وما شاكله في مراكش وبغداد ودمشق وأم درمان من معاهد الثقافة الإسلامية.
ولم يقف الأمر في محاربة هذه المعاهد عند حد تصويرها بهذه الصورة المنفرة، بل أتخذ معها عمل إيجابي آخر هو محاولة الحيلولة دون قوم بعثات من البلاد الإسلامية التي لم يكن بها ما يشبه الأزهر في نظامه وهدفه إلى مصر لتلتحق بالأزهر وتتم دراستها فيه. وإن لم تأخذ هذه المحاولة صورة المنع الواضحة. فموسيليني مثلاً أنشأ أيام حكمه معهداً إسلامياً في (هرر) له مظاهر نظم التعليم في الأزهر وأرسل إليه طائفة من أبناء المسلمين في ليبيا بجانب أبنائهم في الحبشة وإريتريا والصومال الإيطالي.
والرحالة الألماني (بول أشيد) يتحدث في كتابه - (الإسلام قوة الغد) الذي أخرجه في سنة ١٩٣٧ بعد رحلة ست سنوات في البلاد الإسلامية عن مكانة الأزهر كموطن للثقافة الإسلامية ومعقل للحركات الوطنية التحريرية من الاستعمار الأوربي، ويعده وأمثاله في شمال أفريقيا والبلاد الإسلامية عاملاً من عوامل ثلاث - لو نجت من الاضطهاد الغربي - تقوم عليها النهضات الإسلامية وقوة العالم الإسلامي في غده. والعاملان الآخران في نظره هما: قوة النسل في الشعوب الشرقية، والثروة الاقتصادية الكامنة في أراضيها.
خرج الأزهر عن عزلته رويداً رويداً منذ بداية القرن العشري وطلبت منه المساعدة الرسمية في الوزارات والمصالح الحكومية المصرية، وعلى الأخص في وزارة المعارف. واظهر المتخرجون فيه أمانة واتقاناً وحسن أداء فيما يقومون به من عمل هناك، حتى فيما