يستطيعون النفاذ منها إلى إشباع سعارهم، لكن فوت عليهم هذه الفرصة ما توارثه الأمراء الأفغانيون من بغض الاحتلال، وأعداء الوطن. أليس أبوهم القائل للورد لورنس:(إن كنتم تريدون أن نبقى أصحاباً، فلا تكرهوني على قبول ضباط إنجليز في بلادي)؟ وضرب (شير علي خان) أروع المثل في الإباء إذ استعصى عوده على الإنجليز الذي غمزوا جانبه فلم يلن لهم، ولم يهن هو على نفسه. فأحنقوا على السلطان أبنه (يعقوب خان) وحرضوه على أبيه، واحتضنوه وأفسحوا له صدراً بارداً منذ أخذوه إلى إنجلترا، ولقنوه تعاليمهم الاستعمارية ظاهرها وباطنها، كما أغروا الفقراء بالعمل في الحاميات البريطانية بالهند لقاء أجور عالية استعداداً لتجنيدهم ضد بلادهم في القريب المنتظر على ما كانوا يزعمون.
وفي سنة ١٨٧٨ أعد الإنجليز عدتهم للإجهاز على الأفغان، فإذا بأمراء الهند ومرتزقة البنجاب والسيخ وأخلاط من المنبوذين وعباد البقرة والعنزة يدخلون كابل بقيادة اللورد دوبرتس.
وفر (شير علي خان) إلى مزار شريف في القسم التركي من بلاده، وكان قد أستدعى أبنه يعقوب وأمنه على نفسه ثم سجنه حتى إذا دخل الإنجليز كابل أطلقوا سراحه ونصبوه أمير وعقدوا معه معاهدة (غاندامق)، وأملوا عليه طبعاً كل رغائبهم التي يئسوا من نيلها من أبيه، غير أنهم لم يكادوا يتمتعون بما ظفروا به حتى اندلعت نار الثورة الوطنية من جديد فخلعوا يعقوب خان ونفوه إلى الهند، وأخذوا يولون ويعزلون بعد موت (شير علي خان) سنة ١٨٧٩ حتى هدأت البلاد على يد الأمير (عبد الرحمن) وتم الجلاء عن البلاد، وبذلك توطد نفوذه، وأقام مصانع السلاح والذخيرة، ودرب الجيش، ووسع الحدود شرقاً، وباتت البلاد في أمان واطمئنان حتى مات سنة ١٩٠١.
وخلفه أبنه الأمير (حبيب الله خان) الذي لم يشأ أن يطعن الإنجليز من الخلف حين شبت الحرب العامة، ولم يصخ إلى تحريض الألمان والأتراك حتى اغتيل وهو في مشتاه بجلال أباه وخلفه ولده (أمان الله خان)، فبايعه الشعب دون أخيه ولعهد أبيه نصر الله خان، وبغير موجدة من أحدهما على الآخر.
فلما استقرت الأمور، وأجمعت العناصر المختلفة على المطالبة الوطنية، صعرت بريطانيا خدها، فبدأ الجيش الأفغاني مخترقاً حدود الهند، وأبلى أحسن البلاء. وكانت الحرب وسئم