الصارخة والواقع الشهيد ولكن لأنني قد وضعت من ميزان أوهامهم في كفة الشك والاتهام. . من هنا كففت قلمي ورجوت المؤتمر شيئاً من التوفيق ينسى أناس في ظلاله بعض ما ساورهم من خيبة الرجاء في المؤتمر أول، ولكن البداية السيئة التي تجلت في مظاهر الارتجال حتى أوشك الشمل أن يتفرق؛ هذه البداية كانت تشير إلى النهاية وتغنى عن كل وجهة نظر في مجال التعليق!.
ومع ذلك فقد انتهى المؤتمر وأشهد ما خرجت منه بشيء ذي خطر سوى محاضرة الأستاذ الزيات، هذه المحاضرة القيمة التي أقول فيها رأيي خالصاً لوجه الحق لا لوجه الصداقة وما تعودت أن أجامل أحدا ولو بلغت أواصر الود بيني وبينه ما بلغت بيني وبين هذا الصديق. . ما أريد أن أخرجه حين أطلب أن يجهر برأيه فيما أصاب المؤتمر من نجاح أو فيما منى به من إخفاق، بنفس الصراحة السافرة التي زخر بها رأيه الأخر في حاضر الأدبي العربي الحديث.
أما عن وجهة نظرك الثالثة يا آنسة فلا أوافقك على شقها الأول وإن كنت أوافقك على شقها الأخير: تقولين عني أن لي (عقل) طه حين اكتب (وقلب) الزيات؟. . من الصعب أن تتشابه العقول في مناهج التفكير وطرائق التعبير، لأن لكل أديب عقله الخاص الذي هو من صنع الله أولا ومن صنعه هو في نهاية المطاف، أعنى أنه وليد نشأته ونتاج ثقافته وثمرة مداركه وكل هذه الأشياء لا بد أن تعكس أثارها الواضحة على مظاهر النشاط العقلي وتوجه كلا منها إلى طريق: ومن هنا كان عقل طه غير عقل العقاد؛ وعقل العقاد غير عقل الزيات؛ وعقل الزيات غير عقل الحكيم، وقفل الحكيم غير عقل تيمور. أما القلوب فقد تلتقي في دفقة الشعور وجيشان العاطفة، وتأتلف فيها وخفقة خفقة أمام هزة من هزات الكون أو مشهد من مشاهد الحياة، لأن رواسب الإنسانية المستقرة في أعماق النفوس قسط مشترك بتقاسيمه الأحياء كل بنصيب!
بقيت إشارتك إلى الحرص على صداقة الزيات ومكان هذا القلم من رسالته. أود أن أقول لك أن ما بينه وبيني من قرابة الروح وأصالة المودة ظاهرة يعز وجودها في مثل هذا المجتمع الذي نعيش فيه؛ وليس لمكاني في الرسالة اثر يذكر في هذا الدير يربطني بصاحبها منذ عرفته، وإنما هو رفاء يقابل بوفاء! أما عن قصيدتك (قصة قلب) وأختها