ونظر إلى السماء نظرة من يبحث عن شيء عزيز قد ضاع منه أو نظرة من يسأل السماء سؤالا لا جواب عنه: أين يا رب يجد الصبر وينشد السلوى ويلتمس العزاء؟ كل شيء قد انتهى، وكل جلد قد انقضى، وكل زاوية من زوايا النور قد أغلقتها يد الزمن. وها هو يمضي في الحياة وحيداً بلا رفيق، وغريباً بلا حبيب، وجرحاً تخضبت معالم الطريق من فيض دمه!)
فقرات من مقال حزين كتبه للرسالة منذ عامين. . . زهرات تمتد يده إلى حديقة الذكريات لتقطفها في حنو بالغ. . . ثم تقدمها إلى قبرها الحبيب تحية وفاء في يوم عيد!
عامان في حساب الزمن، تطمس فيهما يد النسيان من تاريخ كل حي سطوراً وكلمات. أما هو فقصة حياته ماثلة أبداً لعينيه، يرقب على مسرح الشعور فصولها المتلاحقة. . ويصفق بالجوانح لذلك المشهد المثير الذي هز قلبه في يوم من الأيام!
وكانت قصة عجيبة. . . بدأنها هي فكتبت بمداد النبوغ فصلها الأول. . . وحين لمح هو بوادر الإلهام أحب أن يقاسمها الخلود فكتب فصلها الثاني. . وحين أوشكت معجزة الخلق في يد البشر أن تنافس القدر، ضاقت السماء بهذه الألوهية فكتبت فصلها الأخير!!
وتركته وحده يشهد ختام المأساة. . ومنذ ليلتين رآها في الحلم طيفاً يعاتبه؛ يعاتبه على أنه لم يف بوعده منذ عامين في ليلة عيد! وقالت له فيما قالت: ترى هل نسيت عهد الوفاء؟ إنك منذ رحلت لم تذكري بكلمة. . ولم تذرف على دمعة. . . ولم تبعث إلي نفحة عزاء. . . أتحسب أنني في العلم الآخر لا أدرك؟! وأجابها في نظرة المتهم البريء يريد أن يدفع عن نفسه مرارة الاتهام: لقد وفيت بوعدي يا أختاه. . شيعتك إلى المكان الذي قدر لي ولك أن يطوي بين جنباته أول أمل. . وقدمت إليك (من الأعماق) نداء من القلب يؤنس وحشتك في ظلام القبر. . وكتبت (من وراء الأبد) قصة إنسانية وفت وفيها من سماتك روح وعنوان. أما الدموع فلا تسأل عنها العيون وإنما تسأل القلوب. . وما أصدق دموع الأعماق!
وقالت وهي تشرق بدمعها وترنو إليه في حنان: لقد كنت أمتحن وفاءك. ترى هل أنت سعيد في صحبة الأحياء؟ وأجاب وهو يمد في عينيه إلى الأفق البعيد حتى لا تلتقي منهما النظرات: لا أدري. . فمنذ أخذتك السماء من الأرض وأنا أهرب من السؤال إشفاقاً من