عنه أو للدلالة على الفاعل في حوادث السرقة وغيرها؟ أو إحضار روح شاعر ليملي شعر لو نسب إليه في حياته لما رأى شيئا أبلغ في إيذائه من نسبته إليه؟
إن كانت الروحية كذلك فلست منها في شيء. ولست في حاجة إلى أقول إني لا أؤمن بخوارقها لأني لا أستطيع أن أستغني عن عقلي أبدا، فلست أفهم إلا النتائج المستخلصة من المقدمات المنطقية، ولست أرى حقا إلا ما أدت إليه الأسباب المحسوسة، وجماعة الأرواح لا أحس بوجودها ولا أقتنع بدليل يدل على إرادتها في أمور حياتنا، ولا أوافقها - على فرض وجودها - في العمل على تخليص الناس من المادية أن كان يراد بها ما يستحدثه العلم الطبيعي من وسائل خدمة الإنسان وتوفير الراحة والمنفعة له في حياته المادية، ولا أريد للضعفاء والفقراء إلا أن يعوا أسباب ضعفهم وفقرهم ليتخلصوا منها، وأعتقد أن قانون الحياة الذي لا يدافع هو أن لا يستطيع الإنسان أن يأخذ حقه من الإنسان، لا أن ينتظر حتى يشعر بالعطف عليه. والإنسان الطاغي لا يقفه عند حد العدالة والإنصاف إلا أن يرى قوة من يريد أن يطغى عليه. والحكام والزعماء يعلمون بروح الدساتير والديمقراطيات وما إليها إلا لأنهم يشعرون بقوة الشعوب وما نسميه الرأي العام الذي يخشون غضبته.
ذلك هو منطق الواقع المادي الذي أدين به، فأنا إذن (مادي) رويدك لا تظن أني قد نبذت الروحية، فلا يزال بنفسي معناها الحقيقي، وهو شعور الإنسان بجمال المعاني النفسية والسلوك الإنساني الكريم، ذلك الشعور الذي يخلق في المرء روح التعاون والتكافل الاجتماعي. على أن يكون ذلك ممتزجا بالواقعية في مواجهة مسائل الحياة وبالمنطق المعقول في فهم الأشياء.
ولا شك أن من الخوارق التي لا أومن بها أن (جماعة الأرواح) وضعت فكرة كتاب (الوساطة الروحية) وصاغت عبارته وأعانت على إخراجه. ولا استكثر تأليفه على أحد ممن يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وأنا أعرف مؤلفه شخصيا وهو على درجة من الثقافة لا يستبعد معها تأليف الكتاب، وهو يقول - لإثبات أن الأرواح هي مؤلفة الكتاب - إنه لم يتلق تعليما مدرسيا كافيا. وهل يعوق حرمان التعليم المدرسي عن التثقيف الذاتي؟
ذلك ما أراه، ولست أفرضه على أحد، وليعذرني الأستاذ الدمياطي في التصريح به، أو فليسلط علي روحا من أرواحه تقنعني بخلافه. . .