للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يحرمون الدم والميتة ولحم الخنزير. . وغير ذلك.

وبالطبع، كان لا بد أن يوجس أولو الأمر منه خيفة، ويراقبوه، لأن قلوب الناس كانت معه، فلو طلب الملك ما بعد عنه، وأتباعه في كل مكان كثيرون، ولعل هذهالأسباب السياسية تبرر ما زال الشيخ من اضطهاد لأسباب دينية تتعلق بالعقيدة، وتدخل أولى الأمر فيما اعتوره من حبس وإطلاق، واعتقال وفكاك. ويتضح ذلك مما جرى بينه وبين السلطان الناصر، رغم إكبار الناصر للشيخ.

وشي عند السلطان الأعظم الملك الناصر، في حق ابن تيمية فطلبه السلطان، ولما حضر بين يديه قال من جملة كلامه معه: إنني أخبرت أنك قد أطاعك الناس، وأن في نفسك أخذ الملك) فلم يكترث الشيخ وقال بجنان ثابت ونفس مطمئنة، رغم أنه لا يدري أيخرج من هذا الموقف، ورأسه فوق جسمه أم فوق النطع: (أنا أفعل ذلك!! والله إن ملكك وملك المغول، لا يساوي فلسا عندي) فتبسم السلطان وقال مجلاله: إنك والله لصادق)

دعوته وآثارها:

كان ابن تيمية نسيج وحده في دعوته، وكانت دعوته دعوة فريدة بين الدعوات الإسلامية أيضا: كان من الضروري وجود أبن تيمية على أرض هذه الدنيا الإسلامية، بعد أن تغيرت أشياء في جوهر العقيدة، وبعد أن وجدت فرق، وتعددت دعوات، وكلها لم تجعل كتاب الله وسنة نبيه إمامها، بل سلطت التأويل على الكتاب والسنة حتى تغيرت الآيات بتغير التفاسير والتأويلات، فكان من عناية الله أن أرسل هذا العبقري الذي رجع بدينه إلى حقيقته الأولى وبساطته، وأوضح ذلك بكتب خالدة، فكانت عقيدة ابن تيمية توحيدا خالصا غير مشوب بشرك على أي صورة كانت، واستعادة لبساطة الدين ويسره. . . كل ذلك في حدود الكتاب الكريم والسنة الصحيحة، ولذا كان أبن تيمية في التفسير إليه المنتهى، وفي الحديث لا يلحق، ويشهد على ذلك كتبه في التفسير والحديث.

عاش ابن تيمية، في عصر شاعت فيه الخرافات عند العامة، واستحكم فيه الجمود عند العلماء، وذاع فيه التقليد بين الفقهاء.

وكم كان سد باب الاجتهاد نكبة على الإسلام والمسلمين، وكم كان سببا في عدم انطلاق المدينة الإسلامية، في طريقها الذي اختطنه، وكم وقف سدا حائلا بينها وبين التطور

<<  <  ج:
ص:  >  >>