للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والارتقاء -، فأتى ابن تيمية يدعو إلى أن الاجتهاد غير مقصور إلى الأئمة السابقين، بل إنه باب مفتوح المصراعين لمن حاز شروطه المعقولة. وكان هو نفسه مثالا للمجتهد المطلق، فليس شرطا لازما أن لا يحيد الإنسان عما قاله الأئمة الأربعة ما دام سنده الكتاب والسنة؛ ويؤيده العقل الراجح.

ولقد كان ابن تيمية لا يتقيد في فتاويه بمذهب من المذاهب الأربعة، ولا رأى إنسان أيا كان، إلا بكتاب الله وسنة نبيه. وعنده أن من خالف الإجماع فيما لم يرد فيه نص ليس بكافر، وباب الاجتهاد مفتوح لن حصل أدواته، وما كان ابن تيمية جامدا بل كان يستعين بالقياس فوق ذلك.

تنحصر دعوة ابن تيمية التي جاهد واضطهد من أجلها، في مبدأين اثنين، الأول: إفهام الناس حقيقة معنى (لا اله إلا الله) فلا يعبد ولا يدعى إلا الله، ولا ينفع ولا يضر إلا هو، ولا يملك أحد من الأمور العباد شيئا، فلا نبي ولا ولي ولا شيخ يملك من أمر العباد مثقال ذرة، ولا يقصد بحاجة إلا الله، ولا يغيث إلا الله والثاني: محاربة كل ما كان سببا في ضعف المسلمين، فجاهد في السياسة، وهاجم الأشياء التي كانت سببا في فرقة المسلمين، ودعا إلى نبذ ما جعلهم شيعا وأحزابا. ومن هذه الناحية كانت عداوته للفلسفة التي علمت الناس الجدل الذي ذهب بريح المسلمين، وكون منهم معتزلة، ومشبهة، ومجسمة، ومتصرفه وملحدة. . وغير ذلك من الفرق، ولهذا أيضا، كانت مهاجمته للفرق الإسلامية بلا استثناء.

وننحن لا نريد أن نعرض إلى آراء ابن تيمية تفصيلا، فإن ذلك يقتضينا جهدا كبيرا، وإنما نريد أن نعرض إلى النواحي التي امتاز بها ابن تيمية، والتي كانت سببا فيما نقمه الناس من أمره، والتي لولاها ما نال من اضطهاد ما نال، وخلود ذكر. وهي ثلاثة أشياء نعمتها عليه الناس، الأول: في زيارة القبور؛ والثاني: اتهامه بالتجسيم، والثالث: إفتاؤه في مسألة الطلاق.

أرسل الله الرسل لنعبده، لا نشرك به شيئا، فلا يدعو أحد أحدا غير الله (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله، لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا قي الأرض. . . وما لهم فيهما من شرك وماله منهم من ظهير) (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا من أذن له) فعبادة الله وحده هي أصل الدين. . . وهو التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>