الروح: وأسفاه! إن السماء بعيدة جدا عن هذا المكان الذي وقف فيه ذلك الملك ليفصل عالم المادة عن عالم الروح.
الفتاة: ما دام الأمر كذلك، فإن أحد الطريقين يوصل إلى السماء وحتما، إن طريقي هذا. .
الروح: أتحسين إن في استطاعتك الانطلاق إلى السماء وأنت على هذه الصورة التي كنت فيها على الأرض؟
الفتاة: لماذا لا يكون ذلك في استطاعتي؟
الروح: إن الأعمال التي كنت تقومين بها على الارض، ليست إلا عتاقيد من التعب قد جف منها الرحيق.
الفتاة: لو كنت ميتة كما يخيل إليك، لفقدت ثروتي وشهرتي - والآن - وأنا في السماء - على زعمك - تقول لي أنني سأجد تلك الإدارة الحديدية التي جعلت اسمي مصدر هلع الناس، وتلك الثقافة العميقة التي صقلت عقلي وجعلته نسيج واحد، تقول لي، أنني سأجد هذين مكنزين النفيسين الذين هما كل ذخيرتي، لا شيء أبدا. ومعنى ذلك أنني أصبحت كسائر الناس. إن رغبة عنيفة لا قدرة لي على الغلبة عليها تدفعني إلى دخول السماء، فماذا يجب أن افعل!
الروح: أول ما يجب عليك عمله أن تخلعي هذا المعطف؟
الفتاة: لكن لا تنس أنني بذلت حياتي وأنا أصنع هذا المعطف، لقدنسجته من آلاف الخيوط، وزينته بالرسوم المعقدة ولونته بألوان قوس السحاب. . إنه صورة صحيحة عن جهادي في الحياة، وقليل من البشر من يستطيع الحصول على مثله، ولا شبيه له عند الناس.
الروح: أقسم لك مؤكدا، بأن ليس في استطاعتك دخول السماء ما لم تخلعي هذا المعطف عنك:
الفتاة: لا أستطيع تصديقك. . . لماذا؟ أنني إذا تجردت عن ذلك لم اصبح شيئا.
الروح: إن هذا الذي يعز عليك خلعه ليس برداء.
الفتاة:. . . كلا. . . إنه أكثر من ذلك. . . إنه الشخصية التي أبدو فيها. . . إنه حياتي الماضية. . . وذكرياتي. . . وما وراء كل ذلك من أحلام وآمان وشعور. . . وإذا قضي علي بنزع هذا المعطف، فما الذي يبقى مني؟ ليت شعري ماذا أصبح إذا فقدت شخصيتي؟