الروح: كنت أظن أن الناس يحملون قلوبا رحيمة، وأن العدالة طريقهم السوي في الحياة. . .
الفتاة: ولماذا تحسبهم كذلك؟ ألا يرون أنفسهم مجرد عابر سابح في فضاء الكون الفسيح. . .
الروح: ولكن كيف غاب عنهم انهم أرواح!
الفتاة: ومع ذلك فأن معظم الناس يبذرون الحياة في الحماقات وفي إثارة المنازعات. . .
الروح: وما أسقاه! إذا كان صحيحا ما أسمه منك، فإن الحياة جحيم. . . لقد ابتدأت أخشى الرجوع إليها.
الفتاة: إذا بقيت سليم الطوية هناك كما أنت هنا، وبقيت تعتقد أن الحب هو السلطان الذي تخضع له نواميس الكون، فإنك ستجد الناس في حقيقتهم. . . جنسا من المخلوقات ممعنا في الخبث واللؤم والقسوة والهمجية لا يحترم غير الأقوياء ولا يبجل غير الظالمين. . . يعذبون الضعفاء ويجيرونهم على تحمل الأذى والعنت والإرهاق. . . أنني أسدي إليك هذه النصيحة. . . فكن عاقلا. . . فكر في نفسك. . . وأنسج لك من الآن معطفا تتقي به الأذى، وتخفي ما فيك من طيبة وراء مظاهر القسوة فيه. . . إنك في الأرض أحد رجلين، رجل يفرض أرادته على الأخريين ويسوقهم كالإنعام أمامه، ورجل لا شأن له بين الناس ولا يقول (لا) يملء فيه، إذا سيم خطة الضيم. . . ولكن إذا اقتلعت جذور الإنسانية والرحمة من قلبك، وتركتها هنا في السماء وأنت في أول طريقك إلى الارض، فانك ستأخذ هناك كل ما تريد، وتدفع الآخرين عن طريق نجاحك وتخطف اللقمة من الجائع، لا لتأكلها ولكن لتحتفظ بها لترفك. . . عندئذ لا أرى مانعا يحول بينك وبين السعادة. . . وليست لديك وسيلة أخرى للنجاح في الحياة.
الروح: كنت أحسب أن في استطاعتي جلب الحب للإنسان على الأرض قبل حديثك هذا.
الفتاة: ليس للحب وطبيعة القلب مكان هناك.
الروح: أهذا هو السبب الذي حملك على عمل هذا المعطف لنفسك؟
الفتاة: الآن والآن فقط. . . أخذت تدرك قيمته بالنسبة لإنسان يعيش في الحياة. . . لكن بربك أخبرني عن الطريق الذي ينبغي أن أسلكه؟ يالها من مسالك مخيفة. . . هائلة