وقد استطاع بما عرف عنه من جد ونشاط ومثابرة أن يعد هذا المركز إعداداً طيباً وأن يجعله مركزا ثقافيا ممتازا.
ولما اتسعت أعمال المركز الإسلامي وتشعبت النواحي، وأزداد النشاط فيه، وذاع أمر الدعوة بين الإنجليز وغيرهم، بما جعل أمر الإسلام ينتشر ذكره في تلك البلاد، وأصبح المسلمون في حاجة إلى مزيد من العناية والتوجيه؛ لما كان الأمر كذلك رغب الأستاذ الدكتور علي عبد القادر ورغب معه رئيس الجمعية الإسلامية في بريطانيا العظمى وبعض كبار المسلمين هناك إلى المسؤولين في مصر أن يزودوا المركز الإسلامي ببعض الأساتذة من علماء الأزهر، لنشر الإسلام، وتنوير المسلمين في شؤون دينهم، فلبى الأزهر هذه الرغبة الطيبة، وسمع لها، وقرر مجلسه الأعلى في نوفمبر سنة ١٩٤٨ إيفاد أثنين من مدرسي كلية أصول الدين في بعثة دراسية إلى لندن هما فضيلة الأستاذ سليمان دنيا، وكاتب هذا المقال.
وأسند إليهما حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر العمل في المركز الإسلامي على تأدية رسالة الأزهر وإعلان دين الله وإعلاء كلمة الحق معه في هذه البلاد.
وقد حققت هذه البعثة بعض رجاء الإسلام والوطن والأزهر فيها، فنظمت بالتعاون مع فضيلة الأستاذ الدكتور علي عبد القادر النشاط الديني والثقافي في المركز الإسلامي، وبرز هذا النشاط في صورة كانت موضع الارتياح والاغتباط من الجميع في الحفلات التي يدعى إليها المسلمون وغيرهم من مختلف الأديان والأجناس.
كذلك فتحت المكتبة العامة للمركز الإسلامي أبوابها للزائرين في مواعيد مختلفة للاطلاع والانتفاع بكتبها القيمة وفنونها المختلفة.
والصلوات المفروضة أقبل عليها المسلمون كذلك في كثرة لم تعرف من قبل، ولا سيما في أيام الجمع التي يعتبرونها أعيادا لهم، يتبادلون فيها أنواع الأحاديث الشيقة وأسباب الأخوة الخالصة.
ونأمل أن يواصل الأزهر جهوده وبعوثه حتى يتمكن من تأدية رسالته على أكمل وجه وأفضله، بفضل رعاية حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك (فاروق الأول)
حقا لقد سر المسلمون كثيراً إذ وجدوا في قلب لندن مكانا إسلاميا، بل جامعة إسلامية