يجاهدن مجاهدة كل شريف عظيم النفس، همه أن يكون الشرف أو لا يكون شيء؛ ويرى الغافل أن مثلهن في تعب الجهاد، ويعلمن من أنفسهن غير ما يرى ذلك المسكين - يعلمن أن ذلك التعب هو لذة النصر بعينها
كانت أنوثتهن أبداً صاعدة متسامية فوق موضعها بهذه القناعة وبهذه التقوى، ولا تزال متسامية صاعدة، على حين تنزل المطامع بأنوثة المرأة دون موضعها، ولا تزال أنوثتها تنحدر ما بقيت المرأة تطمع؛ ورُبَ ملكة جعلتها مطامع الحياة في الدرك الأسفل، وهي باسمها في الوهم الأعلى. . .!
وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:(اطلعت في الجنة فإذا اقل أهلها النساء، فقلت أين النساء؟ قال: شغلهن الأحمران: الذهب والزعفران.) أي الطمع في الغنى والعمل له، والميل إلى التبرج والحرص عليه
ونفس الأنثى ليست أنثى، ولكن شغلها بذلك التبرج وذلك الحرص وذلك الطمع - هو يخصصها بخصائص الجسد، ويعطيها من حكمه، وينزلها على أرادته؛ وهذه هي المزلة، فتهبط المرأة اكثر مما تعلو، وتضعف اكثر مما تقوى، وتفسد اكثر مما تصلح. أن نفس الأنثى أنثى لرجل واحد، لزوجها وحده
رأيت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقيرات مقتوراً عليهن الرزق، غير أن كلا منهن تعيش بمعاني قلبها المؤمن القوي، في دار صغيرة فرشتها الأرض. . . ولكنها من معاني ذلك القلب كأنها سماء صغيرة مختبئة بين أربعة جدران. أنهن لم يبتعدن عن الغنى إلا ليبعدن عن حماقة الدنيا التي لا تكون إلا في الغنى
أف أف! أتريدون أن أزوج ابنتي من ابن أمير المؤمنين فيخزيها الله على يدي، وادفعها إلى القصر وهو ذلك المكان الذي جمع كل أقذار النفس ودنس الأيام والليالي؛ أأزوجها رجلاً تعرف من فضيلة نفسها سقوط نفسه، فتكون زوجة جسمه ومطلقة روحه في وقت معاً؟ إلا كم من قصر هو في معناه مقبرة ليس فيها من هؤلاء الأغنياء رجالهم ونسائهم إلا جيف يبلى بعضها بعضاً!
قال الراوي: وضج الناس لحمامة صغيرة قد جنحت من الهواء فوقعت في حجر الشيخ لائذة من مخافة، وجعلت تدف بجناحيها وتضطرب من الفزع، ومر الصقر على أثرها وقد