والخمرة وادن فيذهب منغمسا في لذته غير عابئ بالذل ممن جبلت نفوسهم على العذل واللوم وتكدر صفو من صفا له الجو وبسمت له الحياة فيقول: -
إن عن لهو أو سنح ... فأغد إلى اللهو ورح
رضيت أن أحظى بعز ... اليأس والعز منح
وصاحب يقدح لي ... نار السرور بالقدح
فرحت مطوي المنى ... لا أزجر الطير الروح
ولا أقول لامرئ ... ضن بمال أو سمح
ولا أرى من صبوة ... نهج التقى وأن وضع
تصافح الكأس يدي ... ما أرتد خطب أو صفح
في روضة قد لبست ... من لؤلؤ الطل سبح
يألفني حمامها ... مغتبقا ومصطبح
أوقظه بالعزف أو ... يوقظني إذا صدح
والجو في مسك ... طرازه قوس قزح
يبكي بلا حزن كما ... يضحك من غير فرح
كم جامع ممتنع ... خليته لما جمع
وكم عذول ناصح ... قلت له وقد نصح
أقصر فمن رام صلاح ... العيش بالكأس صلح
وكثيرا ما نراه يستلب المثل في شعره ومن شعره يستلب المثل، وهذه إن دلت على شيء فإنما تدل على نضج العقلية والقدرة المسيطرة على غرر المعاني ونوادر الكلم. ولم تتأت مثل هذه الناحية إلا لشاعر مطبوع قال من قصيدة في علة نالته وعاده فيها بعض أعدائه وقد انقاد المثل إليه
أصبر على مترادف الضراء ... فلعل ذلك مؤذن بشفاء
ما حال من لعب السقام بجسمه ... ظلما فعض نفسيه الأعضاء
حظر الطبيب عليه طيب غذائه ... وأباحه مكروه كل غذاء
ويعوده أعداؤه واشد من ... (مرض المريض عيادة الأعداء)