اللجان تقريراتها وتوصياتها قبل ابتداء العام الدراسي لكي يتبين الرأي العام أن الأزهر يستجيب دائما لحركات الإصلاح والنهوض والرقي، ونرجو أن يهتم المسؤولون في الأزهر بآراء المفكرين وأعلام الثقافة في مصر. فليس من الخير أن تهمل آراؤهم، بل من الواجب أن ينظر إليها بعناية ودقة. ثم هناك من الأزهريين من درس في أوربا، ومنهم من له نظريات في إصلاح الأزهر، فجدير بهؤلاء - الدكاترة - أن يكونوا أعضاء عاملين في هذه اللجان. لقد سبق أم أوضحت كيف يكون إصلاح الأزهر وكيف السبيل إلى رفع المستوى التعليمي والنهوض به. ولقد تكلم غيري في هذه الناحية. فما مبعث هذا الكلام؟ وما الدافع إليه؟ ليس من المعقول أننا نتجنى على الأزهر حتى يفهم كلامنا على غير وجهه؛ إذاً فما هو السبب المباشر؟ يعلم الله أنه الحرص الشديد على رقي الأزهر والأمل القوي في النهوض به إلى المنزلة السامية التي هو لها أهل وبها جدير. هذه همسات عابرة ننتقل منها إلى الدراسات العليا في الأزهر. لقد كتب الأستاذ (محمد عبد المنعم خفاجي) كلمة حول هذا الموضوع في (الرسالة الغراء) استعرض فيها تاريخ هذه الدراسات إلى أن تلاشت من الأفق الأزهري في عام ١٩٤١ وختم كلمته داعياً إلى إعادة هذه الدراسات من جديد تؤدي رسالتها العظيمة في خدمة الدين والثقافة وتجديد مناهج البحث العلمي الحر. ثم ناشد ولاة الأمر أن يوقظوا الأزهر من هذا الوقود، ويدفعوه لأداء رسالته.
نحن لا يسعنا إلا أن نشكر الأستاذ (خفاجي) على كلمته، وإلا أن نحبي فيه هذه الروح الجامعية الوثابة. إذ لا شك أن الدراسات العليا لها خطرها ولها أثرها الجبار في رفع مستوى هيئات التدريس في كليات الأزهر. ولو كانت هذه الدراسات قائمة لما كان هناك مجال لهذه الصيحات التي كان لها صداها هنا وهناك والتي كان من نتائجها نقل بعض مدرسي المعاهد إلى التدريس في الكليات. كنا ننتظر من الأستاذ (خفاجي) أن يبين على أي أساس تعاد هذه الدراسات العليا؟ فقد قال إن مدة الدراسة في هذا القسم لا تقل عن ست سنوات بعد انتهاء مدة الدراسة في الكلية. ونحن نقول إن هذه السنوات قد تصل إلى سبع سنوات أو ثمان فهل هذا نظام صالح لاستئناف هذه الدراسات؟ لسنا نأخذ على الأستاذ تقصيراً في كلمته لأنه بصدد عرض سريع لتاريخ هذه الدراسات، ولكنا نعضده ونؤيده وندعو معه إلى إعادة الدراسات العليا، ولكن على أسس جديدة ودعائم حديثة ونهج يتفق