للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حسين في كتب الأدب العربي وتدريسه بل أنها لتستمد منها الأمثال أحيانا فما مثل النويهي بأستاذه في التعليم الثانوي اعتباطا ولكنه رأى مثل ذلك في كلام الدكتور طه حسين مع خلاف يدل على اتجاهيهما فقد نزع إلى التشفي من أستاذه على حين أشفق الدكتور على أستاذيه رعاية لحقهما.

وكنت أود أن أرجع كل أصل من أصول هذا الباب إلى مكانه من كتابة الدكتور طه حسين لولا ضيق المجال؛ غير أني أشير إلى ناحية أرى من الخير الإشارة إليها لأنها تلقي بعض الضوء على مسلك المؤلف واتجاهه. فبينما يرى الدكتور طه حسين في كتابه (في الأدب الجاهلي) أن التمرس بالعلوم اللسانية كالنحو والصرف والبيان وفقه اللغة أمر لا بد منه لدارسي الأدب وناقدي نرى المؤلف لا يشير من قريب أو بعيد، بل أنه ليرى دراسة (المخ والمخيخ) من الثقافة المهمة لدارس الأدب العربي فيفصلها تفصيلا ويرى البلاغة والنحو: (من طلاسم السحر وتمتمات الشعوذة) وقد لا يبعد بنا الفهم إذا قلنا أن هذا الاختلاف بين الاتجاهين راجع إلى اختلاف الثقافتين: فالدكتور طه حسين قد درس هذه العلوم دراسة استيعاب، فهو يدرك فائدتها لنقد الكلام، أما المؤلف فلم يصب منها إلا القليل والناس أعداء لما جهلوا.

أما الباب الثاني فترجمة لا ينكر حرفتها المؤلف فقد قال: (بقلب وجل أقدمالآن على موضوعات لم أتقنها إتقان المتخصصين ولا أعرف عنها إلا ما يصل إلى المنقب المطلع متضرعا إلى الله أن يقيني مواطن الزلل. . .) ولست أدري لما عنى نفسه هذا العناء؟ أتراه ظن أن غيره من الناس لا يعلمون من أمرهم شيئا أمتراه ترجم ما ترجم ليطبقه على أبن الرومي؟

أن كانت الأولى فقدوهم أشدالوهملأنكل مدرس قد ثقف هذا العلم على جماعة من المتخصصين فلم تعد به الحاجة إلى مثل هذه الترجمة؛ وأن كانت الثانية فإننا ندرك جهده ومحاولته في إثبات ضعف الجهاز الغدي عند ابن الرومية، ولكنا ندرك مع هذا عجزه البين في هذه المحاولة فقد قال: (ولست أحب مرة أخرى أن أقحم نفسي في مجال لم أدرسه دراسة المتخصصين فأقرر أن العلة الحقيقية هي اختلال جهازه الغدي واضطراب إفرازاته فقد يكون السبب سببا جسمانيا آخر، وقد يكون سببا مركبا من علل جسمانية شتى). ونعود

<<  <  ج:
ص:  >  >>