يسوق هذا الأسلوب ثم يقول معلقا عليه:(هذا ما يسمونه تاريخا أدبيا! بهذا الأسلوب الإنشائي الرديء الذي يذكرك بموضوعات الإنشاء يكتبها صبيان المدارس يسترون جهلهم بفن تاريخ الأدب. . .).
نعم. هذا الأسلوب يذكرنا بإنشاء صبيان المدارس ولكن قول المؤلف:(ليس أنظر إلى شعر الرومانتيك! لا) فيذكرنا بكتابة الفحول من البلغاء.
تذوق الشعر وشرحه:
المؤلف مبتدع لطريقة جديدة في شرح الآبيات تعتمد على الاستطراد وسرد الحكايات عن نفسه وأهله وضرب الأمثال الكثيرة من واقع الحياة؛ وطريقة هذا شأنها يختلط فيها الصالح والفاسد والغث والسمين وتصل أحيانا إلى الابتذال المرذول.
ولا نستطيع أن نسوق مثالا لهذه الطريقة، فالبيت الواحد يحتاج إلى صفحات، غير أنا نشير إلى أنها أشبه ما تكون بالموضوعات الإنشائية التي يطلب فيها الحديث عن بيت من الأبيات فإذا قال ابن الرومي:
طواه الردى عني فأضحى مزاره ... بعيدا على قرب قريبا على بعد
كتب المؤلف ثلاث صفحات فيها دعوة القارئ إلى تذكر الأعزاء الذين فقدهم، وفيها انتقال إلى ارتباط الأدب بالحياة وعيب على الشراح الذين يلمعون من قريب أو بعيد إلى (الطباق أو المقابلة). وفيها غير ذلك وصف لأجزاء الطفل الميت (. . . وهذه عينه وهذا أنفه الصغير الظريف وهذا فمه الدقيق الحلو وهذه رقبته البضة الرشيقة. . . الخ. . .
ثم ماذا؟ ثم كلام عن الأم عقب وفاة ابنها وذكر لكلماتها التي تقولها: (. . . مات! كلام فارغ!. . . من ذا الذي يزعم أنه مات؟ ولدنا مات! مستحيل!. . .) ويتبع هذا كلام عن خالته التي فقدت ولدها في سن العشرين استغرق صفحة ونصف الصفحة. ونعتقد أن الكثير من هذا الشرح لغو لا طائل تحته ولا يزيد إحساسنا بالحياة ولا ينبه فينا الشعور بالجمال - فالأمور التي تضمنها بدهيات لا تغيب عن عامة الناس. وكنت أود من المؤلف قبل أن يقدم على هذه الطريقة أن يكلف الطلاب كتابة موضوع إنشائي:(عن تصوير حالأمفقدت ولدها) ثم ينظر بعد ذلك إلى الآفاق التي امتدت إليها أقلامهم، وأعتقد أنه سيقنع بعد هذا بتجاربهم فيقلع عن هذا التطويل.