قالت - وكفت عن الضحك -: (مطر؟ في أغسطس؟ في الإسكندرية؟)
فاضطربت وقلت:(أ. . . اعني. . . اعني أن الجو جميل) فابتسمت ابتسامة خبيثة وقالت: (لقد قلت هذا من قبل. . .)
فحقدت عليها - في سري - وقلت:(صحيح! لقد نسيت! فيا للغباوة! لقد كنت أظنها جملة مبتكرة!)
ولو كنا بقينا خمس دقائق بعد ذلك لحلت عقدة لساني، فقد عاودتني الثقة بنفسي وأيقنت أن العقدة ستحل بعد أن نطقت بآخر كلمة، ولكن أباها - لعنة الله عليه -! آبى إلا أن يقبل في هذه اللحظة وكان وجهها إليه وظهري له فرأته قبلي وقالت:
(هذا أبي) وأشارت إليه
فدرت على عقبي بسرعة، ولم أكد ابصر وجهه حتى استولى عليّ الرعب، فهربت بلا كلام ولا استئذان ولم يكن ثم باب آخر في هذه الناحية اخرج منه ولم أجد أمامي غير (صالون حلاقة)، فدخلته وكان - كما شاء الحظ - خالياً. وشعرت أن بي حاجة إلى منعش بعد الذي أصابني من منظر هذا الشيخ الشرس فتناولت قطرات من (الكولونيا) وشممتها ومسحت بها وجهي وإذا بالرجل يصيح بي:
(ماذا تعني بهذا التلكؤ؟ لقد بعثت إليك منذ نصف ساعة لتوافيني في غرفتي وتحلق لي ذقني! عجل يا بليد!)
وكان من الواجب أن اذهل أو ابهت أو احتج ولكن كرهي له أيقظ حواسي جميعاً فقلت هذه فرصة سنحت للانتقام منه وأسرعت فقلت:
(حالاً. . حالاً. . كم رقم الغرفة من فضلك؟)
قال:(١٥. .)
ومضى عني فجمعت أدوات الحلاقة ووضعتها في حقيبة صغيرة رأيتها هناك في ركن وخرجت فإذا بالفتاة تدنو مني وتقول: