للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: (اعرف ذلك وأشكرك، ولكن إلا تثقين بي؟)

قالت: (انك لا تعرف أبي)

قلت: (ثقي انك أنت أيضا لن تعودي تعرفينه!)

قالت: (دع المزاح. . . لم اكن أظن انك طائش إلى هذا الحد)

قلت: (تعالي. . . وانظري)

وتركتها وقصدت إلى السلم وهي ورائي

ولم تكن الفتاة مبالغة حين حذرتني وأنذرتني، فان أباها شيء فظيع وقد اسمعني في خمس دقائق من ألفاظ التعنيف والشتم والقذف والطعن والقدح ما لم اكن أظن انه يوجد في لغات العالم مجتمعة بله في لغتنا العامية التي يعرف اقلها ويجهل اكثرها، ولكني أنا أيضا لم اكن مبالغاً حين أكدت للفتاة إنها لن تعرف أباها بعد أن افرغ من حلاقة ذقنه فقد أرقت نصف رطل على الأقل من دمه الثقيل، ولم أكد أضع الموسى على خده حتى صرخ وصاح بي:

(أنت جزار. . . لا حلاق)

فقلت: (عفواً سيدي أن حد الموسى لم يلمس جلدك)

قال: (لم يلمس جلدي! تقول لم يلمس جلدي يا أعمى! لقد قطع لحمي!)

فطمأنته، فنهرني وزجرني عن الكلام فأجريت الموسى وخرجت بقطعة ثانية من لحمه القديم وماذا اصنع إذا كان جلد وجهه عميق الأخاديد؟ أهذا ذنبي أم ذنبه؟ وقلت له:

(يحسن بك يا سيدي أن تجيء في كل صباح بأربع بيضات أو خمس فتكسرها وتصبها في وعاء وتمزجها بمسحوق الثلج - يعني بودرة الثلج - وتعجن هذا بذاك وتدهن به وجهك وتظل نصف ساعة لا تفتح فمك بكلام ما، ثم تغسل وجهك فإذا واظبت على ذلك شهراً كاملاً عادت إلى وجهك نعومته بأذن الله

فصاح بي (اخرس. أقول لك اخرس)

فقلت (طيب خرست) وواصلت انتقامي. وكنت قد بلغت عنقه فجعلت انظر إلى الفتاة نظرة لا تخفي دلالتها، نظرة طيها الحقد والتصميم على القتل عمداً ومع سبق الإصرار ورفعت يدي بالموسى نحو ذراع وهممت أن أهوى بها على رقبته وإذا بالفتاة تصرخ فارتددت مذهولاً ووثب هو عن الكرسي وذهب يعدو إليها وسألها (مالكِ؟) فلم تجبه وجعلت تشير

<<  <  ج:
ص:  >  >>