للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وآراء معينة، تثبتت في مخيلته وتملكت نفسيته وملأت روحه فلم يستطع أن يحيط عنها، أو يجد عنها حولا طول السنوات التي عاشها.

وقال أنه نشأ وترعرع في وسط غمرات تعاليم الثورة، فلم يشعر في قرارة نفسه بأنه ملك شعب من الشعوب أو جنس من الأجناس أو دين من الأديان، فانتهى به الأمر أن أصبح أمميا، أي ملكا للأمم كافة، لا يعرف سوى مذهب العالمية، هذه العالمية التي جعلت منه في النهاية بعد سنوات النفي بولشفيا، يقود أكبر ثورة عمالية على الأرض في وسط بلاد تعد أكثر البلاد تمسكا بالرجعية.

وقال (أنه يؤمن بالثورة على حد أنها تغيير بطيء أو عنيف يصيب الكيان السياسي والاجتماعي والدستوري، نتيجة لتبدل الأسس الاقتصادية والإنتاجية لأمة من الأمم) وهو التفسير الذي وضعه كاوتسكي قبله في كتابه الثورة الاجتماعية.

ولكن زعيم الانقلاب الروسي، كان يعلم في داخلية نفسه أن أكثر من تسعة أعشار الشعوب الروسية ضده، وأن عنصر المفاجأة والتضليل والدجل على الجماعات هو الذي مكنه من الحصول على انتصاراته الأولى: وقد كان إذ كسب الجولة الأولى. .

فما الذي ساعده على الوصول إلى مقام الزعامة بجوار لينين ثم ما الذي أنزله من مكانته؟ إن القلم الذي يحمله تروتسكي، كان ثوريا إلى النهاية في كل قطرة من مداده،. . . لهذا أقر الناس بأن كتاباته هي أقوى أسلحته وأشدها فتكا وأعمقها أثرا فهو قد بلغ أعلى المراكز وقدم للثورة أعظم الخدمات، وأنشأ الجيش الأحمر وانتصر به في الحروب الداخلية وفي رد العدوان الخاص عن أراضي السوفييت، ومع ذلك وضع في الصف الثاني بعد وفاة لينين، وأبعد من المناصب التي يؤهله علمه وعمله وجهاده لها، فمال للعاطفة حينا حتى أخرج للناس كتابه عن ثورة عام ١٩١٧، فإذا أهم ما فيه سبعون صفحة جعلها نقدا وتحليلا لحوادث ثورة نوفمبر من تلك السنة، كانت بمثابة تتويج لعمله الثوري الانقلابي في الثورة الروسية، حيث أبرز فيها ما قام به من أعمال. . .

وهنا قامت قيامة الحزب الشيوعي عليه فسلقه رجاله بألسنة حداد إرضاء (لاستالين) هنا وكتبوا عنه في لجانهم ومجتمعاتهم:

(أنه يضع المقاييس لنفسه ولأقرانه، ويصور بقلمه الجبار صورته للناس ويشيد بعمله كي

<<  <  ج:
ص:  >  >>