للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سوريا الكبرى مملكة هاشمية تقف سدا في وجه المملكة السعودية العربية التي يتحكم الأمريكان في نفطها وينعم أهلها بالدولار والذهب، ناهيك بوضع شرق الأردن السياسي ومعاهدته المعهودة مع الإنجليز، وبالفرق بين وضع سوريا المستقلة السياسي.

لقضية سوريا الكبرى جوانب أخرى خلاف الجانبين السياسي والاقتصادي، ولعل الجانب العاطفي فيها هو أكثر الجوانب حساسية لاتصاله المباشر بالدين الحنيف، ولالتصاقه بمجد العرب الذي يتشوق كل مسلم إلى استعادة عزه وسلطانه.

من هذا الجانب الحساس، يتقدم العراقي المسلم من سوريا المسلمة، ومن هذا الجانب الشعوري تتقرب وفود جمعية (الاتحاد العربي) وهم مسيحيون كما عرفت، من أبناء سورية المسلمة، ومن هذا الجانب الديني المقدس يتودد دعاة البيت الهاشمي إلى رجالات سورية؛ ولكن إلى أي فئة من أبناء سوريا يتقدم هؤلاء الدعاة وسورية كما عرفت منقسمة قسمين، جيل قديم يضع رجله في حفرة القبر وتتطلع عينه إلى متع الحياة الغرور، وجيل جديد يؤمن بمستقبله، ويعمل له، ويكافح من أجله، ويشيد بناءه لبنة لبنة، وهو مجد في تكوين ذاته تكوينا (إدولوجيا) ببعده من مخاطر الخوف والقلق واليأس، ويدنيه من الاعتماد على النفس بالتربية السياسية وتقويم الأخلاق.

هنا نرى الدعاة المأجورين يتخطرون في مشيتهم، ويشمخون بأنوفهم، ويبشون بشاشة ناصلة اللون عندما يتقدمون من الشيوخ السوريين الواضعين أرجلهم في حفر القبور يحملون لهم الذهب الإنجليزي. والجنيه الإنجليزي، والتعضيد الإنجليزي، ثم الأجر العظيم المرتقب عند الله في اليوم الآخر لكل عامل في خدمة الدين وعز الإسلام، ومجد العرب!!!

وترى هؤلاء الدعاة أنفسهم، ينكصون على أعقابهم بوجوه شاحبة كاحلة كلما حاولوا الدنو من الشباب المتعلم، الذي لا يخامره شك في أن هؤلاء الدغاة، إن هم إلا خدام أجراء لأسياد غاصبين مستترين وراء ستار شفاف (هم الإنجليز) الذين لا يريدون بهذا الشرق العربي خيرا إلا الخير الذي يعود على رس العزبة أو الإقطاعية.

هنا يصطدم الولد بالوالد في حدود التقاليد العربية وعادات الأسرة. هنا تقف الفتاة إلى جانب أخيها تشد عضده وتوازره وتسانده في رد أبيه إلى صراط الوطن، وعز القومية، وشرف الإنسانية، ودفع غائلة الأجنبي المستقوي.

<<  <  ج:
ص:  >  >>