تقحم بعض لوحاته في معرض الفن الأسباني بقصد الترويج لهذا المعرض بلا جدال!
وأزيد على ذلك فأقول: إن الحكومة الأسبانية قد أقدمت على أن تفعل ذلك في مصر، ولا أعتقد أنها تستطيع أن تقدم على مثل هذا العمل في بلد مثل إيطاليا أو فرنسا أو إنجلترا أو غيرها من البلاد الأوربية. . . ذلك لأن لوحات (بيكاسو) المحفوظة - ولا أقول المعروضة - في متحف (اللوفر) مسجلة كما سبق أن قلت ضمن مجموعة الفنانين الفرنسيين، لان صاحبها فرنسي باعترافه واعتراف الحكومة الفرنسية واعتراف الدوائر الفنية في العالم. وقد يسألني أحد القراء لماذا تحفظ لوحات (بيكاسو) في متحف اللوفر بباريس دون أن تعرض، فأقول له: إن عرض اللوحات في هذا المتحف العالمي غير جائز للفنانين الأحياء، فإذا ما انتقلوا إلى العالم الآخر فقد أصبح من حقهم أن ينتقل إنتاجهم الفني من (الحفظ) إلى (العرض) أعني من مكانة في (المخازن) إلى أمكنته من الجدران.
شعراء في الميزان:
أنا من المؤمنين بأن النفس الإنسانية هي الحوض، بل المحيط الذي يجب أن تغترف منه أقلام الشعراء؛ وأن الوجدان هو الأفق الذي يجب أن يضرب فيه جناح الشعر. . ولا أدين بغير هذا الفن الذي يؤدي عن النفس ولست أومن بغير هؤلاء الفنانين الذين يقبسون من الوجدان. ولا أكاد أدري أي شيء هذا الذي يجعلني أعتقد أني جئت إلى هذه الدنيا، وفي هذا الإيمان؛ وأني سأنصرف عنها ولا إيمان لي - في الأدب خاصة والفن عامة - غيره!
قد لا يعنيكم شيء من ذلك كله، ولولا أنها الرسالة الأولى، أو الشذرة الأولى، أكتبها إليكم، لسعى القلم إلى ما يريد دون توطئة له بهذه الكلمات. . . غير أنني قد قرأت تعقيبكم المعجب على رسالة الآنسة هجران الأخيرة، فوقفت فيه عند رأي من آرائكم تبدونه في بعض الشعر، وحكم من أحكامكم تطلقونه على بعض الشعراء.
بدا لي أنكم بهذه الكلمة تميزون في شعر (الأداء النفسي) بين لونين من الشعر: لون يرتفع فيه اللفظ بالخيال فيعجب؛ ولون يرتفع فيه الخيال باللفظ فيهز. . شعر قوامه العبارة الموحية، وشعر قوامه الوحي المعبر. . وأشهد لقد حالفكم في هذا التمييز التوفيق كل التوفيق!