أنها تخلصت من قيود الحرب الماضية، ولكننا لا نزال نشعر بآثارها، فأتيحت لهم بذلك حركة وطلاقه، ويوم يتاح لنا أن نتخلص من ضباب الحرب الباقي عندنا لا بد أن نلحق بهم، فأنا متفائل جدا بمستقبلنا القريب، يوم نفكر في أشياء لم نفكر فيها بعد. أو يفكر فيها بعضنا ولكنها لم تخرج إلى حيز الوجود.
مكافحة اللغات الإسلامية في الهند:
تنشر الصحف بين آونة وأخرى تصريحات لبعض ساسة الهند تتضمن أن الدولة الهندية ترعي حقوق الأقلية المسلمة التي بقيت في بلادها بعد أن تكونت دولة الباكستان من أكثرية مسلمي الهند، وقد قرأت أخيرا تصريحا لأحدهم يطلب فيه أن تتعاون مصر مع الأربعين مليون مسلم الموجودين في الهند وأن تهتم بشعورهم (وخاصة أن لهم مدارس تعلمهم اللغة العربية) وقد جاءت هذه العبارة المحصورة بين الأقواس في خلال التصريح دون مناسبة. فأن اهتمام مصر بمسلمي وشعورهم لا يتوقف على أن يكون لهم مدارس تعلمهم اللغة العربية. إنما المقصود - على ما يبدو لي - أن يقال ذلك لتغطية شيء، هو ما أردت الكشف عنه بهذا الموضوع.
لقد وقف العالم على ما كان من نزاع وتطاحن بين الهندوس والمسلمين قبل أن تنقسم البلاد الهندية إلى الدولتين الجديدتين، وعلم الناس أمر المشكلة الهندية المشهورة التي محورها (البقرة) التي يقدسها الهندوس ويذبحها المسلمون، ولم تفلح إنسانية غندي في التوفيق بين التقديس والذبح، فلم يكن بد من الانقسام، وكان المسلمون في الهند قبل هذا الانقسام نحو مائة وعشرين مليونا، وكانوا أقدر على مقاومة الاضطهاد من المسلمين الباقين في الهند الذين أصبحوا أقلية منتشرة في البلاد لا حول لها ولا طول؛ وكم نود أن نفهم أن دولة الهند الحديثة المستقلة التي قامت على مبادئ الحرية والعدالة أمكنها أن تحول التيار وتبدل الناس غير الناس أو تتصرف هي على الأقل تصرفا يدل على الاهتمام بشعور المسلمين في الهند. فهل تحقق ذلك أو أننا هنا نسمع لباقة من الساسة وتظاهرا ليس وراءه ما يسنده؟
في العام الماضي قرر المجلس التشريعي الهندي استبعاد الألفاظ العربية والفارسية والتركية من لغاتها وإحلال السنسكريتية محلها، وهذه الألفاظ التي تقرر استبعادها تكون الجزء الأغلب في اللغة الأردية، وكان دخولها فيها نتيجة للفتح الإسلامي وتتابع الدول الإسلامية