وقال أحمد الكاشف:
من كعبد العزيز أقوى على الده ... ريلاقي الخطوب سمحا لعوبا
زلزلت أرضه فغنى على زا ... زالها ناعم الفؤاد طروبا
وفي هذين البيتين سخرية مرة وتهكم شديد. فالشاعر يظهر العجب من شدة بأس السلطان وقوة احتماله. فهو لم يجزع للخطوب ولم يتحرك للحوادث الجسام التي أحاطت به، بل قابل الشدائد باللهو واللعب. ولما زلزلت الأرض تحته لم يفزع ولم يخف بل جلس على أنقاض هذه الزلازل يستمتع بالغناء والرقص والخمر.
وقال:
لا تلوموا خليفة الغرب في اللهو فما غيره عزاء لنفسه
نظر الخطب وهو لا بد منه ... فتحاشاه في مجالس أنسه
ربما مثلت له حبب الكأ ... س شهابا فظنه بعض بأسه
وفي البيتين الأولين يصور الشاعر السلطان في صورة من يهرب من الحزن والغم إلى مجلس أنس ليبعد عن نفسه متاعب الأحزان وآلامها، ويجد في الخمر والغناء عزاء لنفسه وتسلية لها حتى لا تسترسل في الهموم فتهلك. وفي البيت الأخير يسخر الشاعر من السلطان سخرية مرة ويتهكم منه تهكما قاسيا مضحكا. وقال:
عبد العزيز علام تلهو بالصبا ... لهو المؤمل أطول الآجال
وإلى م تسمع مطربيك وقد علا ... صوت النذير بأعجل الأهوال
فلقد أجرتموه ثلاثة أشهر ... هلا أجرتموه ثلاث ليالي
وفي هذه الأبيات لا نسمع سوى التوبيخ والتعنيف والتقريع الشديد المؤلم؛ والتحذير والترهيب من سوء العاقبة.
وقال آخر:
إيه عبد العزيز أي شهاب ... أنت في ظلمة القضاء المخيف
يرسل الخطب كل يوم نذيرا ... فتراه بالناظر المكفوف
كيف يصغي إلى النذير فؤاد ... ملأته (سلطانة) بالعزيف
أنت كالقدر تبلغ النار منها ... فتغنى كالواله المشغوف