في عصوره الأولى كان يبعث بالمرأة طعاماً للآلهة وهو في الجاهلية كان يئد مولودته ولا يعترف لها بالحياة، وفي اليابان كان الرجل يدفع بابنته إلى أمكنة الفجور خرقة يمسح بها الرجال شهوتهم حتى تسد ديون أبيها وفي الصين كان الرجل إذا ما ولد له غلام ذكر يفرح ويتهلل أما إذا كان المولود أنثى قال مكتئباً:(لقد سقط حجر من سقف منزلي. . .)، حتى في عهود المدنية وفي مواطن الحضارة يدفع ظلم الرجل المرأة إلى ما يسمونه (الرقيق الأبيض) وهو اللطخة الدامية في الجبين الناصع وفي مصر وبلاد الشرق لا تفوز الزوجة غالباً من زوجها إلا بما تفوز به الخادم من سيدها. فهل رأيت حالة كريهة كالتي تعانيها المرأة منذ ولادتها حتى يحويها الرمس. . .؟ وأي الأمراض انفردت بها المرأة عن الرجل حتى استحقت منه هذا الجزاء. . .؟ أليست كل امرأة ابنة لرجل وزوجة لرجل وأما لرجل. . تأخذ الخلق عن أبيها وتهديه إلى زوجها وترضعه لطفلها. . .؟ فإذا فسدت المرأة أليس هذا الفساد أثراً من تهاون أبيها في تربتها. . .؟ وإذا ضلت المرأة أليس من بين الرجال من هم اشد منها ضلالاً واقبح رذيلة. . .؟ ولئن جاز للرجل أن يقول في كل ما ينتابه من مصائب:(فتش عن المرأة) إلا يجوز للمرأة أن تقول في كل ما يلحقها من أذى: (فتش عن الرجل). . .؟
واعجب العجب قولك أن الأستاذ الرافعي يدافع عنك فيما كتبه ويكتبه، وهذا لا يمكن أن يقع لأنه إنما يكتب عن عقيدته الخاصة في المرأة. ومهما فاض (السحاب الأحمر) بما توحيه إليه تلك العقيدة، ومهما جاء في كتاباته في (الرسالة) عن الحجاب والسفور فهو لا يوافقك على تلك اللطمة القاسية التي صفعت بها خد المرأة. والحجاب الذي ينادى الرافعي به في (تربية لؤلؤية) لا يمكنه أن يعيش طويلاً بعد تلك النظرة الساخرة التي ترسلها إليه مدنية القرن الحاضر، ولا ادري ولا أحد يدري ما ضر المرأة الفاضلة أن خرجت سافرة أو ما نفع المرأة الفاسقة أن قمدت متحجبة. .؟ وأي الرذيلتين اشد ضرراً، تلك التي تستتر خلف الجدار كالداء الذي يختبئ في قلب العليل لا يدركه ولا يتداركه، ام تلك التي تتكشف سافرة ويبين قبحها كالمرض الذي يظهر على صفحة الجسم، ما تلمحه العين حتى يلحقه العلاج. .؟
للمرأة عقل كما للرجل، وكذب من الصق بها العاطفة دون العقل، وألا ما حلقت في سماء