بعد أن فرقت بيننا سبل العيش، وانتبهت إلى سماع ردود المغتربين على أسئلتي ودونتها على مذكراتي، ووعيت أقوال الخطباء من أركان الحكومتين السورية واللبنانية، وتيقظ ذهني لكل كلمة وردت في خطاب رئيس المغتربين، وعنيت بعض العناية بما نشرته أكثر الصحف. ولما عدت إلى نفسي وذاكرتي، وقفت حيران لا أدري كيف تكون المقارنة بين أقوال الداعين والمدعوين، ولا كيف السبيل إلى التوفيق والتوحيد بين من يريني السهى فأريه القمر!
لقد رحب لبنان رسميا (بالمغتربن العائدين بأموالهم يستثمرونها في إحياء أرض الوطن) ورحبت سوريا بأبنائها (الذين غادروا البلاد عندما كانت تحت وطأة الحكم الأجنبي. . . ولم ينسوا أهلهم أيام محنتهم وجهادهم للاستقلال. . بل أمدوهم وأعانوهم وشاركوهم بالألم والأمل) وهي تعترف لهم بلسان رئيس الوزراء (بنصيبهم من أسباب الحياة القومية المتقدمة) ويدعوهم (مع المحافظة على ولائهم لأوطانهم الجديدة، إلى أن يبقوا صلتهم بالوطن قوية فعالة للخير المشترك والمصلحة الشاملة. . . لتكون مؤدية لما تنشدون وننشد من دعم نهضة وتوطيد محبة وأخوة).
أما الخطاب الذي ألقاه رئيس مؤتمر المغتربين في الجامعة السورية بحضور رئيس الجمهورية ووزراء من سورية ولبنان، وعدد من أعضاء الجمعية التأسيسية ومن هيئات تمثل جميع الطوائف والأعيان وسفراء الدول كان خطابا جامعا لتاريخ الهجرة، وجهاد المهاجرين، وما عملوا وما أفادوا وكيف تطوروا فصاروا شركاء مع الأمريكان في الحياة الديمقراطية، وتعريفها (أنها في جوهرها طريقة في الحياة أساسها الإيمان الوثيق بقيمة الفرد وكرامته) ثم أخذ يشيد يتقدم سورية العظيم في نهضتها الاقتصادية والعمرانية وأنها (موضع فخرنا وثقتنا بإخلاص الشعب السوري لقضية بلاده) وقال:
(كلنا يعلم أن في الاتحاد قوة. . . ونحن متأكدون أن شعبي سورية ولبنان وزعماءهما سينهجون سياسة تعاون مستمر بين البلدين. . . لأن سلامة أي منهما متعلق بالآخر).
أنتقل الخطيب إلى موضوع أخر وهو ما ألفت نظر القارئ إليه قال ما نصه:
(ومنذ أمد وجيز تألف اتحاد إقليمي يضم سائر الأحلاف في الولايات الأمريكية. . ولي وطيد الأمل أن تكون اجتماعاتنا هذه في سورية ولبنان بما تضمه من مندوبين عن